للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَرِي وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبَايَ.

فَقَالَ أَقِمْ عِنْدِي فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ.

فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ إِنَّ فُلَانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَبِمَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ يَا بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ بَقِيَ أَحَدٌ على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجل بِعَمُّورِيَّةَ (١) مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَإِنَّهُ عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ.

فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَائْتِهِ فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا.

فَلَمَّا مَاتَ وَغُيِّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي ; فَقَالَ أَقِمْ عِنْدِي فَأَقَمْتُ عِنْدَ خَيْرِ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ.

قَالَ وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَتْ لِي بَقَرَاتٌ وَغَنِيمَةٌ، قَالَ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ فَلَمَّا حُضِرَ قُلْتُ لَهُ يَا فُلَانُ إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلَانٍ فَأَوْصَى بِي إِلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ.

ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَبِمَ تأمرني؟ قال أي بني، والله ما أعلم أصبح [اليوم] أَحَدٌ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّ زمان نبي، مبعوث بدين إبراهيم يحرج

بأرض العرب مهاجره إلى الأرض بَيْنَ حَرَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَخْلٌ بِهِ عَلَامَاتٌ لَا تَخْفَى يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ فَافْعَلْ.

قَالَ ثُمَّ مَاتَ وَغُيِّبَ وَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ.

ثم مربي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارٌ، فَقُلْتُ لَهُمُ: احْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغَنِيمَتِي هذه قالوا نعم فاعطيتموها وَحَمَلُونِي مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ عَبْدًا، فَكُنْتُ عِنْدَهُ وَرَأَيْتُ النَّخْلَ فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي، وَلَمْ يَحِقَّ فِي نفسي.

فبينا أنا عنده إلى قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ بَنِي قريظة من المدينة، فابتاعني فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي لَهَا، فَأَقَمْتُ بِهَا وَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ وَلَا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مِمَّا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ.

وَسَيِّدِي جَالِسٌ تَحْتِي، إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا فُلَانُ قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ (٢) .

وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمُجْتَمِعُونَ الْآنَ بِقِبَاءَ (٣) عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ.

قَالَ سَلْمَانُ فلما سمعتها أخذتني الرعدة حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي سَاقِطٌ عَلَى سَيِّدِي فَنَزَلْتُ عَنِ النَّخْلَةِ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِابْنِ عَمِّهِ مَاذَا تَقُولُ؟ مَاذَا تَقُولُ؟ قَالَ فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لكمة شديدة.

ثم قال مالك وَلِهَذَا؟ أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ، قَالَ فَقُلْتُ لَا شئ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَهُ عَمَّا قَالَ.

قَالَ وقد كان عندي شئ قَدْ جَمَعْتُهُ فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ.

ثُمَّ ذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِقِبَاءَ - فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شئ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ.

قَالَ فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم لِأَصْحَابِهِ " كُلُوا " وَأَمْسَكَ يده


(١) عمورية: بلد في بلاد الروم غزاه المعتصم.
وسميت بعمورية بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح.
(٢) قيلة: بنت كاهل بعد عذرة..من قضاعة أم الاوس والخزرج.
(٣) قباء: اسم بئر عرفت القرية بها، وتقع قرية قباء على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة.
[*]

<<  <  ج: ص:  >  >>