للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخار، فبينا أنت تنظر إليه قد أعجبك حسنه وإحكام صنعته قذفه الله بحجر من السماء. فوقع على قمة رأسه حتى طحنه واختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديده وفخاره حتى تخيل لك أنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك. ونظرت إلى الحجر الذي قذف به يربو ويعظم وينتشر حتى ملا الأرض كلها فصرت لا ترى إلا الحجر والسماء. فقال له بختنصر صدقت هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ فقال دانيال أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي وسطه وفي آخره; وأما الحجر الذي قذف به الصنم فدين يقذف الله به هذه الأمم في آخر الزمان فيظهره عليها فيبعث الله نبيا أميا من العرب فيدوخ به الأمم والأديان كما رأيت الحجر دوخ أصناف الصنم ويظهر على الأديان والأمم كما رأيت الحجر ظهر على الأرض كلها، فيمحص الله به الحق ويزهق به الباطل ويهدي به أهل الضلالة ويعلم به الأمين ويقوى به الضعفة ويعز به الأذلة وينصر به المستضعفين. وذكر تمام القصة في اطلاق بختنصر بني إسرائيل على يدي دانيال ، وذكر الواقدي بأسانيده عن المغيرة بن شعبة في قصة وفوده على المقوقس ملك الإسكندرية وسؤاله له عن صفات رسول الله قريبا من سؤال هرقل لأبي سفيان صخر بن حرب وذكر أنه سأل أساقفة النصارى في الكنائس عن صفة رسول الله وأخبروه عن ذلك وهي قصة طويلة ذكرها الحافظ أبو نعيم في الدلائل. وثبت في الصحيح أن رسول الله مر بمدارس (١) اليهود فقال لهم: " يا معشر اليهود أسلموا فوالذي نفسي بيده إنكم لتجدون صفتي في كتبكم " الحديث. وقال الإمام أحمد: حدثنا موسى بن داود حدثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت أخبرني عن صفات رسول الله في التوراة فقال أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن، يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيموا الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا. ورواه البخاري عن محمد بن سنان العوفي (٢) عن فليح به. ورواه أيضا عن عبد الله - قيل ابن رجاء، وقيل ابن صالح (٣) - عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال بن علوية ولفظه قريب من هذا وفيه زيادة. ورواه ابن جرير من حديث فليح عن هلال عن عطاء وزاد قال عطاء. فلقيت كعبا فسألته عن


(١) كذا في الأصل، والصواب مدارس وهو عند اليهود البيت الذي يقرأون فيه كتبهم.
(٢) كذا في الأصل العوفي; والصواب العوقي وهو محمد بن سنان الباهلي العوقي أبو بكر البصري ثقة ثبت (تقريب التهذيب ٢/ ١٦٧).
(٣) هكذا ورد في رواية البخاري، وفي رواية أبي ذر وابن السكن " عبد الله بن مسلمة " وتردد أبو مسعود بين أن يكون ابن رجاء أو ابن صالح كاتب الليث. وقال أبو علي الجياني: عندي أنه ابن صالح. ورجحه المزي في تحفة الاشراف. وقال ابن حجر في النكت: حدثنا عبد الله بن مسلمة - يعني القعنبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>