للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ورقة أيضا:

يا للرجال وصرف الدهر والقدر … وما لشئ قضاه الله من غير

حتى خديجة تدعوني لأخبرها … أمرا أراه سيأتي الناس من أخر (١)

وخبرتني بأمر قد سمعت به … فيما مضى من قديم الدهر والعصر

بأن أحمد يأتيه فيخبره … جبريل انك مبعوث إلى البشر

فقلت عل الذي ترجين ينجزه … لك الاله فرجي الخير وانتظري

وأرسليه إلينا كي نسائله … عن أمره ما يرى في النوم والسهر

فقال حين أتانا منطقا عجبا … يقف منه أعالي الجلد والشعر

إني رأيت أمين الله واجهني … في صورة أكملت من أعظم الصور (٢)

ثم استمر فكاد الخوف يذعرني … مما يسلم من حولي من الشجر

فقلت ظني وما أدري أيصدقني … ان سوف يبعث يتلو منزل السور

وسوف يبليك إن أعلنت دعوتهم … من الجهاد بلا من ولا كدر

هكذا أورد ذلك الحافظ البيهقي من الدلائل وعندي في صحتها عن ورقة نظر والله أعلم (٣).

وقال ابن إسحاق حدثني عبد الملك بن عبيد الله (٤) بن أبي سفيان بن العلاء بن جارية الثقفي - وكان واعية (٥) - عن بعض أهل العلم أن رسول الله حين أراد الله كرامته وابتدأه بالنبوة، كان إذا خرج لحاجة أبعد حتى تحسر عنه البيوت (٦) ويفضي إلى شعاب مكة وبطون أوديتها، فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله (٧). قال فيلتفت حوله عن


(١) في البيهقي:
حتى خديجة تدعوني لأخبرها … وما لها بخفي الغيب من خبر
جاءت لتسألني عنه لأخبرها … أمرا أراه سيأتي الناس من أخر
(٢) في الدلائل: أهيب بدل أعظم.
(٣) قال البيهقي في إيراده الأبيات: يزعمون أن ورقة قال، وفيه تشكيك لدى البيهقي في نسبتها لورقة.
(٤) في نسخ البداية المطبوعة: عبد الله، وما أثبتنا - صوابا من سيرة ابن هشام.
(٥) في نسخ البداية: داعية، والصواب أثبتناه في ابن هشام.
(٦) في نسخة البداية المطبوعة: لحاجة أبعد حتى يحسر الثوب عنه، وهو تحريف وأثبتنا الصواب من سيرة ابن هشام.
(٧) قال السهيلي: الأظهر في هذا التسليم أن يكون حقيقة، وأن يكون الله أنطقه انطاقا كما خلق الحنين في الجذع .. إلى أن قال - ولو قدرت صفة قائمة بنفس الحجر والشجر والصوت عبارة عنه لم يكن بد من اشتراط الحياة والعلم مع الكلام والله أعلم أي ذلك كان: أكان كلاما مقرونا بحياة وعلم، فيكون الحجر به مؤمنا، أو كان صوتا مجردا غير مقترن بحياة، وفي كلا الوجهين هو علم من أعلام النبوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>