للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله كما كان يغدو، وكان قبلته الشام (١). فكان إذا صلى صلى بين الركنين الأسود واليماني (٢)، وجعل الكعبة بينه وبين الشام. فقام رسول الله يصلي، وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون، فلما سجد رسول الله احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منبهتا ممتقعا لونه مرعوبا قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال من قريش. فقالوا له: ما بك يا أبا الحكم؟ فقال قمت إليه لافعل ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، والله ما رأيت مثل هامته، ولا قصرته، ولا أنيابه لفحل قط فهم أن يأكلني. قال ابن إسحاق: فذكر لي أن رسول الله قال: " ذلك جبريل، ولو دنا منه لاخذه " (٣). وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو النضر (٤) [محمد بن محمد بن يوسف] الفقيه، حدثنا عثمان [بن سعيد] الدارمي حدثنا عبد الله بن صالح [قال] حدثنا الليث بن سعد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن أبان بن صالح عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن عباس بن عبد المطلب. قال: كنت يوما في المسجد فأقبل أبو جهل - لعنه الله - فقال: إن لله علي إن رأيت محمدا ساجدا أن أطأ على رقبته، فخرجت على رسول الله حتى دخلت عليه فأخبرته بقول أبي جهل، فخرج غضبانا حتى جاء المسجد فعجل أن يدخل من الباب فاقتحم الحائط. فقلت هذا يوم شر، فاتزرت ثم اتبعته فدخل رسول الله فقرأ (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق) فلما بلغ شأن أبي جهل (كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى) فقال إنسان لأبي جهل: يا أبا الحكم هذا محمد؟ فقال أبو جهل ألا ترون ما أرى؟ والله لقد سد أفق السماء علي فلما بلغ رسول الله آخر السورة سجد (٤). وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبد الكريم، عن عكرمة قال: قال ابن عباس: قال أبو جهل لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه، فبلغ ذلك رسول الله فقال: " لو فعل لاخذته الملائكة عيانا ". ورواه البخاري عن يحيى عن عبد الرزاق


(١) في سيرة ابن هشام: وكان رسول الله بمكة وقبلته إلى الشام.
(٢) كذا في الأصول والبيهقي، وفي السيرة: بين الركنين اليماني والحجر الأسود.
قال ابن بطوطة في رحلته، عندما كلامه على الأركان: ومن عند الحجر الأسود مبتدأ الطوف، وهو أول الأركان التي يلقاها الطائف، فإذا استلمه تقهقر؟ عنه قليلا، وجعل الكعبة الشريفة عن يساره ومضى في طوافه، ثم يلقى بعده الركن العراقي، وهو إلى جهة الشمال، ثم يلقى الركن الشامي وهو إلى جهة الغرب، ثم يلقى الركن اليماني وهو إلى جهة المغرب، ثم يعود إلى الحجر الأسود وهو إلى جهة الشرق. (رحلة ابن بطوطة - الجزء الأول -).
(٣) الخبر في سيرة ابن هشام من حديث طويل ج ١/ ٣١٨ - ٣١٩ ودلائل البيهقي ج ٢/ ١٩٠ - ١٩١ ورواه النسوي باسناده إلى أبي هريرة وفيه: فقالوا: مالك: فقال إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة فقال رسول الله : لو دنا لاختطفته الملائكة عضوا عضوا (راجع السهيلي - الروض الآنف - ودلائل البيهقي ٢/ ١٨٩).
(٤) دلائل النبوة ج ٢/ ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>