للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الذي ألصقتموا من كتابكم … لكم كائن نحسا كراغية السقب (١)

أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفر الثرى … ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب

ولا تتبعوا أمر الوشاة وتقطعوا … أواصرنا بعد المودة والقرب

وتستجلبوا حربا عوانا وربما … أمر على من ذاقه حلب الحرب

فلسنا ورب البيت نسلم أحمدا … لعزاء من عض الزمان ولا كرب

ولما تبن منا ومنكم سوالف … وأيد أترت بالقساسية الشهب (٢)

بمعترك ضيق ترى كسر القنا … به والنسور الطخم يعكفن كالشرب (٣)

كأن مجال (٤) الخيل في حجراته … ومعمعة الابطال معركة الحرب

أليس أبونا هاشم شد أزره … وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب

ولسنا نمل الحرب حتى تملنا … ولا نشتكي ما قد ينوب من النكب

ولكننا أهل الحفائظ والنهى … إذا طار أرواح الكماة عن الرعب

قال ابن إسحاق: فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا ولم يصل إليهم شئ إلا سرا مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش، وقد كان أبو جهل بن هشام - فيما يذكرون - لقي حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله في الشعب فتعلق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تذهب أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة، فجاءه أبو البختري بن هاشم (٥) بن الحارث بن أسد. فقال: مالك وله. فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمته عنده بعثت به إليه أتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خل سبيل الرجل، قال: فأبى أبو جهل - لعنه الله - حتى نال أحدهما من صاحبه، فأخذ أبو البختري لحى بعير فضربه فشجه ووطئه وطئا شديدا، وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك، وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله وأصحابه، فيشمتون بهم ورسول الله على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا مناديا بأمر الله تعالى لا يتقي فيه أحدا من الناس.


(١) راغية السقب: من هو الرغاء، وهو أصوات الإبل. والسقب: ولد الناقة، وأراد به هنا ولده ناقة صالح .
(٢) أترت: قطعت. القساسية سيوف تنسب إلى قساس وهو جبل لبني أسد فيه معدن الحديد.
(٣) النسور الطخم: ذات الرؤوس السود.
(٤) من ابن هشام، وفي الأصل ونسخ البداية المطبوعة وبعض نسخ ابن هشام: ضحال ولا معنى لها.
(٥) من ابن هشام وابن سعد، وفي الأصل: هشام وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>