للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة الجمعة عرج بالنبي … ليلة الجمعة أول رجب

وهذا الشعر عليه ركاكة وإنما ذكرناه استشهادا لمن يقول به. وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في ذلك مستقصاة عند قوله تعالى: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) فلتكتب من هناك على ما هي عليه من الأسانيد والعزو، والكلام عليها ومعها ففيها مقنع وكفاية ولله الحمد والمنة.

ولنذكر ملخص كلام ابن إسحاق فإنه قال بعد ذكر ما تقدم من الفصول: ثم أسرى برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - وهو بيت المقدس من إيلياء - وقد فشا الاسلام بمكة في قريش وفي القبائل كلها. قال: وكان من الحديث فيما بلغني عن مسراه عن [عبد الله] بن مسعود وأبي سعيد [الخدري] وعائشة ومعاوية وأم هانئ بنت أبي طالب والحسن بن أبي الحسن وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم ما اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر لي من أمره. وكان في مسراه وما ذكر لي منه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله وقدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق، وكان من أمر الله على يقين، فأسرى به كيف شاء وكما شاء ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد. وكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني - يقول: أتى رسول الله بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في موضع منتهى طرفها - فحمل عليها ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له، فصلى بهم ثم أتى بثلاثة آنية: من لبن، وخمر، وماء. فذكر أنه شرب اناء اللبن، فقال لي جبريل هديت وهديت أمتك. وذكر ابن إسحاق في سياق الحسن البصري مرسلا أن جبريل أيقظه ثم خرج به إلى باب المسجد الحرام فأركبه البراق وهو دابة أبيض، بين البغل والحمار، وفي فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع حافره في منتهى طرفه، ثم حملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته.

قلت: وفي الحديث وهو عن قتادة فيما ذكره ابن إسحاق أن رسول الله لما أراد ركوب البراق شمس (١) به فوضع جبريل يده على معرفته (٢) ثم قال ألا تستحي يا براق مما تصنع، فوالله ما ركبك عبد الله قبل محمد أكرم عليه منه. قال فاستحى حتى ارفض عرقا ثم قر حتى ركبته. قال الحسن في حديثه: فمضى رسول الله ومضى معه جبريل حتى انتهى به إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فأمهم رسول الله فصلى بهم، ثم ذكر


(١) شمس به: يقال شمس الفرس: إذا لم يمكن أحدا من ظهره ولا من الاسراج والالجام ولا يكاد يستقر.
(٢) المعرفة: اللحم الذي ينبت عليه شعر العرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>