للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: مرادهم قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الاسراء، وكان الأنسب بنا أن نذكر وفاة أبي طالب وخديجة قبل الاسراء كما ذكره البيهقي وغير واحد، ولكن أخرنا ذلك عن الاسراء لمقصد ستطلع عليه بعد ذلك فإن الكلام به ينتظم ويتسق الباب كما تقف على ذلك إن شاء الله. وقال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. قال: أتى جبرائيل إلى رسول الله فقال يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام - أو طعام أو شراب - فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. وقد رواه مسلم من حديث محمد بن فضيل به (١). وقال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن إسماعيل. قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: بشر النبي خديجة؟ قال نعم! ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب ورواه البخاري أيضا ومسلم من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به.

قال السهيلي: وإنما بشرها ببيت في الجنة من قصب - يعني قصب اللؤلؤ - لأنها حازت قصب السبق إلى الايمان، لا صخب فيه ولا نصب لأنها لم ترفع صوتها على النبي ولم تتبعه يوما من الدهر فلم تصخب عليه يوما ولا آذته أبدا. وأخرجاه في الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: ما غرت على امرأة للنبي ما غرت على خديجة. وهلكت قبل أن يتزوجني - لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب. وإن كان ليذبح الشاة فيهدى في خلائلها منها ما يسعهن. لفظ البخاري، وفي لفظ عن عائشة ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله إياها. وتزوجني بعدها بثلاث سنين، وأمره ربه - أو جبرائيل - أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب (٢). وفي لفظ له قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة - وما رأيتها - ولكن كان يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة فيقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة. فربما قلت كأنه لم يكن في


(١) البخاري في ٦٣ كتاب مناقب الأنصار ٢٠ باب حديث ٣٨٢٠ فتح الباري ٧/ ١٣٣ ومسلم في ٤٤ كتاب فضائل الصحابة ١٢ باب ح ٧١ ص ١٨٨٧.
(٢) البخاري في ٦٣ كتاب مناقب الأنصار ٢٠ باب ح ٣٨١٧ فتح الباري ٧/ ١٣٣ ومسلم في فضائل الصحابة (٤٤) حديث ٧١ - ٧٢ - ٧٣. والإمام أحمد في مسنده ٦/ ٥٨، ٢٠٢، ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>