ماضي مفتش المنطقة لسوء معاملتهما له، ويؤكد الولاء والإخلاص، وظل يراوغ ويعمل في الخفاء لتنفيذ ما اتفق عليه هو وأصحابه، ولما كان في ٥ رجب انقض رجال الإدريسي على ابن زعير أمير المنطقة واعتقلوه في مكان خاص واستأثر الحسن بالحكم في البلاد، ووصلت في تلك الأوانة ساعية من قبل الأمير عبد الله بن الحسين فيها بعض الأرزاق والعتاد مددًا للإدريسي، فلما اتصل الخبر بجلالة الملك ما وسعه إلا أن يجهز قوة من قبله في جيزان، فزحفت القوة ودخلتها عنوةً في ١٨ رجب من هذه السنة، ففرَّ مندوبا حزب الأمير عبد الله وهما علي الدباغ وعبد العزيز اليماني، فأما علي الدباغ فإنه ألقى بنفسه في البحر فغرق، وأما الآخر فقبض عليه وزج في السجن.
وبما أن الإمام يحيى طلب من جلالة الملك ابن السعود أن يبعث الوفد المتقدم ذكرهم إلى صنعاء عزم على ذلك، لكن ظهور حوادث ابن رفادة في الشمال أخرَّ إرسال الوفد في بداية هذا العام إلى أن تنجلي تلك الغمامة، ولكن ماذا يصنع بحركة المفسدين الذين اتخذوا بلاد اليمن مقرًا لحركاتهم للقيام بفتنة أخرى في الجنوب في نفس الوقت الذي كانت فتنة الشمال فيه هائجة، وكانت "اللحية" الواقعة بين ميدي والحديدة مركزًا لنشاط هؤلاء المفسدين، فكتب صاحب الجلالة ابن السعود إلى الإمام يحيى كتابا لطيفًا يهنيه بأن الله تبارك وتعالى قد دمر أولئك المفسدين وأحاط بهم المسلمون حتى استأصلوهم عن آخرهم وطهروا منهم البلاد، ثم قال: وقد بلغنا أن أناسًا منهم وصلوا إلى بلاد الأخ فأرجو قطعًا لدابر الإفساد في بلاد العرب وإنفاذًا للعهد الذي كان بيننا وبين الأخ مؤخرًا بأن يأمر بإلقاء القبض على الموجودين منهم في بلاده وتسليمهم إلينا، وأن يأمر بمنع دخول الباقين منهم إلى بلاده، إلى آخر ما في الوثيقة، فكان جواب الإمام يحيى بديعًا بسروره بما كان من إخماد الثورة المدفوعة من أعداء الإسلام، ثم أظهر ملقًا من الكلام وقال: لو قدر أن أحدًا منهم وصل إلينا لكان المطلوب من الأخ أن يقول لأخيه قد أجرنا من أجرت.