ولما ضم ابن سعود بلاد عسير إلى أملاكه امتدت حدود المملكة السعودية إلى شمال اليمن، وما زالت تمتد حدود المملكة السعودية إلى شمال، وقد اضطر يحيى في أول الأمر للقبول بالأمر الواقع فلم يحرك ساكنًا لأنه في الوقت الذي استولى فيه ابن السعود على عسير كان يحيى مشغولًا بخصومته مع الإنكليز على بعض المناطق اليمنية الجنوبية المجاورة لعدن، وقد احتلها الإنكليز بحجة أنها اختارت الحماية الإنكليزية، وأغارت أسرابهم الجوية على اليمن مرارًا وألقت قنابلها على صنعاء.
ولما طارت الطائرات البريطانية وألقت قنابلها على صنعاء وألقت وابلًا من القنابل على الضالع وقعطبة وذمار وبريم وتعز ومأوية وآب أحدثت ضررًا كبيرًا، فسببت الحرائق في البلدان، وقتل نحو من ستين شخصًا، مما كان له أسوأ الأثر في النفوس، كان ذلك هو الحامل له على السكون، ولما سكنت الأمور بينه وبين الإنكليز كان أول ما يهمه نفوذ ابن سعود الذي بلغ منطقة نجران التي كان يحيى يدعى أن قسمها الشمالي داخل في أراضيه، وأيضًا رأى أن استيلاء ابن سعود على إمارة الأدارسة أبعد من استيلاء يحيى، لأن يحيى كان يعتقد أنه أولى وأقدر على ضم هذه الأرض إلى أملاكه من ابن سعود، لأن له نفوذًا قويًا على الأدارسة أقوى من نفوذ ابن سعود الذي قصدها من قلب الجزيرة، فما زال يحيى بالإدريسي حتى انقلب على ابن سعود.
ولما جهز ابن سعود القوات إلى الإدريسي ورأى أن أمره قد اكتشف بعد أن احتلت جيزان هرب منها إلى صبيا وأمر أتباعه بتخريب طريق السيارات، إلا أن القوات السعودية دخلت جيزان وزحفت إلى الإمام واستولت على صبيا، ففرَّ إلى الجنوب واضطرمت في عسير ثورة خطرة وهوجمت القوات السعودية بشدة، فبادر ابن سعود بإرسال النجدات القوية إلى عسير وخشي أن يكون خلف الإدريسي أحد من الملوك يعينه ويشد أزره، فاستعد للحرب ولكنه أذاع أيضًا بأنه معط الأمان للإدريسي ومن معه من الثوار والقبائل إذا أخلدوا للسكينة، وأمهلهم ستة أيام، وإلا فليأذنوا بحرب لا قبل لهم بها، ثم إنه انتدب الأمير عبد العزيز بن مساعد البطل