الحجاز، وناهيك به من عبقري قد صقلته التجارب، وكان جيشه مزودًا بالسلاح الكافي من بطاريات ومدافع جبلية ورشاشات وسيارات مصفحة، وكذا أخذ القائد العظيم فيصل بن سعد يتقدم، كما أن ابن أخي جلالة الملك خالد بن محمد أخذ في قيادته يتقدم إلى نجران.
ثم إن جلالة الملك أجاب يحيى لا بعث إليه بالبرقية الأخيرة بالشكر له على حبه للسلم، ولكن كيف يمكن السلم وماذا نقول إذا كان أصحابكم يسيرون جندًا من رزاح على أطراف العبادل، فبهذا يعتبر أن الكلام ضاع وأنكم قد أعلنتم الحرب وبدأتم به، وهذا الذي كان يحذرنا الناس منه، وكانوا يؤكدون لنا أنكم عازمون عليه، وأن الكلام الذي بيننا وبينكم مخادعة، ولكن ديننا وشيمتنا أبت علينا أن نقبل ذلك، وإنما قبلنا عهودكم ورضينا بالله ربًا، وجاء الفعل الأخير مصدقًا لما قاله الناس، ولم يبقَ في اليد حيلة فإن كان الأخ صادقًا في قوله فليمنع جميع الحركات، وليباعد الجند إلى آخر درجة من الحدود، فإن كانت الراجعة ستكون وجندكم يمشي والإدريسي يكتب ويحرك كما رأينا كتبه لأهل المقاطعة فهذا أمر لا يرضاه الله، ولا تقبله النفوس الطيبة، فإن كان الأمر على ما قلتم فالواجب يقضي بالتباعد عن الحدود، وإن كان المقصد إغفالنا وأنتم عازمون على ما عزمتم عليه فلا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين.
ثم جاء الجواب من الإمام يحيى فيه إجابة طلبات جلالة الملك، وأنه سيكتب حالًا، بل كتب إلى ولده سيف الإسلام ومنعه عن كل حركة، ويطلب من جلالة الملك أن يبين وقتًا لاجتماع المندوبين بميدي أو غيره، ويطلب من جلالة الملك العفو العام وأنه سيكون إن شاء الله توقيع المعاهدة بينهما ونشرها في الجرائد، ثم قال وسبحان الله ما أحلى نشرها لدن ذوي الديانة الإسلامية، وأكثر سرورهم واستغرابهم وتعجبهم لذلك، وأطال بلين الخطاب وغاية التلطف، وجعل يراجع ابن سعود في إيقاف العساكر والجنود السعودية وأن أهل كذا ضربتهم المدافع