وأما الثالث: فهذا ليس له قصد إلا الفساد في الأرض وهذا جزاءه ما جاء في الآية الشريف: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة: ٣٣]، ويذكر المؤرخ فلبي في تاريخ نجد أنه استغرق احتلال الحديدة ومنطقة تهامة الواقعة شمالًا ثلاثة أسابيع، وكان ثلاثة أسابيع أخرى كافية لإضافة اليمن إلى الممتلكات الوهابية، غير أنها صدرت الأوامر على فيصل تلك الأوامر بينما أمر سعود بأن يبقى في المكان الذي اتفق عليه سابقًا كي يكون حدًا بين السعودية واليمن، وذكر أنه في أثناء ذلك سارعت السفن الحربية الإنكليزية والإيطالية والفرنسية إلى الحديدة منتحلة أعذارًا مختلفة، إلا أنها لم تكن تهدف إلى تهنئة القائد الوهابي المنتصر على فوزه، أو جعل مهام السلطة المحتلة أسهل من ذي قبل، وربما كان لهذا الاهتمام المفاجيء باليمن من جانب الدول الكبرى أثر كبير في منع الملك من انتهاج سياسة صريحة، غير أنه أصرَّ على أن يستمر احتلال قواته للمناطق التي استولت عليها إلى أن تجري مفاوضات أخرى في الطائف تحت حمايته وإشرافه، فأعلنت الهدنة للتمكن من البدء في هذه المحادثات، وسنعود إلى آخر القصة عن قريب، وإنه لمن العجب العجاب انتصار الجيوش السعودية في تلك الجبال الصعبة المرتقا المجهولة الطرق، ولقد كان ولي العهد سعود يقود جيش الصحراء المتمركز في أبها ونجران، وكان بطيئًا بسبب طبيعة البلاد الوعرة وضرورة السير مع قوافل التموين التي كانت سيارات نقلها تدلي بالحبال من فوق الصخور العالية في أكثر من مناسبة، ولقد ثارت عاصفة رملية استمرت ثلاثة أيام متوالية، وكان من جرائها أن تعطلت المواصلات اللاسلكية بين القائدين، وكانت هذه الغضبة من الملك ابن سعود لما نفد صبره من عناد جاره، وأرسل إليه الإنذار النهائي، وبما أن أراضي اليمن مخوفة