القرآن، ثم يشرع هو في تفسيرها والتعليق عليها ولا يطيل لمناسبة الدعوة. ويلي دعوة من دعاه ولو كان بعيد البلد، ويذكر أحد أبنائه قال: ذهبت معه إلى إحدى القرى وقد أجاب دعوة، وتبعد تلك القرية عن بريدة قريبًا من ثلاثمائة كيلومتر، فحضر الدعوة ووعظ في المسجد والبيت ثم رجع في يومه.
وكان يحب الجلوس والاجتماع بأولاده وأحفاده وأصهاره ويقيم لذلك وليمة، ولا يمر أسبوع إلا وقد جمع الأسرة، فإذا اجتمعوا أخذ بالحديث ربما عن التاريخ وأخبار الأمم أو عن أخبار علماء القصيم وأئمة الدعوة النجدية، أو طلب من أحد أبنائه أن يقرأ شيئًا من القرآن، فكان ينصت للقراءة ويثني على القارئ ويفسر الآيات ويطرح أسئلة في إعراب الآيات على الحضور، وكان يطرح عليهم كثيرًا من المسائل الفرضية، وربما أحضر معه كتابًا وطلب من أحد أبنائه أن يقرأ عليهم ويحب دواوين الشعر. ولم يكن يملّ من ذلك.
وقبل وفاته بشهر قُرئ عليه الميمية لابن القيم وذلك قبل الحج بأيام، وكان يحبها، فأثنى على ابن القيم كثيرًا وعلى القصيدة، وحيث كان في جلسة أسرية فقد طلب من بعض النساء الحضور لسماع القصيدة والتعليق عليها، فشرع يشرح القصيدة ويتلذذ بها. حتى خنقته العبرة فجعل يخفيها رحمه الله.
قال أحد أحفاده: ولما رجعنا من الحج تلك السنة وقدمت للسلام عليه قدم إليّ ديوانه البستان وهو مخطوط، وطلب مني أن أقرأ عليه قصيدة الصرصري في قصة يوسف وإخوته عليهم السلام، وفي الليلة التي أصيب فيها بالمرض كنا في وليمة أسرية فطلب أن نحضر كتابًا لنقرأ فيه فاخترت له كتاب الشوقيات لأحمد شوقي، فأخذه وجعل يثني على شعر أحمد شوقي ويذكر ما بينه وبين حافظ إبراهيم، ثم بحث عن قصيدة.