وأصيب رحمه الله بالمرض في تلك الليلة، ولما رجع من جدة وقد كان ذهب إليها للعلاج، اجتمعنا حوله للسلام عليه، فطلب مني أن أقرأ آيات من القرآن، فقرأت عليه سورة النجم كاملة، وكان قد ضعف بصره ويعاني من الألم، فلما بلغت قوله تعالى:{وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} جعل يتأمل كلام ابن تيمية رحمه الله حينما قال:
أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدي
فترحم عليه.
وهكذا كانت مجالسه عامرة بالعلم حتى إنه كان يطرح المسائل العلمية على بناته وحفيداته رحمه الله.
وكان من شأنه أيام الطلب أنه يقضي أوقاتًا كثيرة في طلب العلم تزيد على ست عشرة ساعة يوميًا ما بين قراءة وتأليف، وكان يكره أن يشغله أحد عن القراءة والكتابة، واختار الاشتغال بالتعليم عن الوظائف الأخرى، فلقد عرض عليه القضاء مرات فاعتذر حبًا للسلامة وإيثارًا للعافية، عرض عليه القضاء في إحدى نواحي القصيم وفي عسير وفي الجوف وفي تيماء، فاعتذر، وألحَّ عليه الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله أن يتولى قضاء تيماء فطلب منه الإعفاء حتى بكى أمام الشيخ فعذره الشيخ لذلك.
التحق بالتعليم النظامي عندما أسست أول مدرسة في بريدة سنة ١٣٥٦ هـ، واستمر يدرس فيها حتى تقاعد رحمه الله تعالى سنة ١٣٩٦ هـ.
وطلب منه أن يفتح درسًا في الفرائض وأخبر برغبة طلاب العلم بذلك فقال إنه منشغل بالتأليف وأنه جلس ما فيه البركة، وأخبر أنه جلس أربعين سنة يدرس فيها بالمساجد وهكذا وأكثر منه في إمامة المسجد.