رأيت مصيبته تجدد بفراته والقلب قد زادت شجونه لشدة احتراته، أبديت هذه الأبيات وإن كنت لست من أهل هذا الشأن ولا ممن يسابق في الميدان، ولكن لعظم ما جرى وما حل بأهل الإسلام ودهى:
إلى الله أشكو طارقات النوائب ... ورزء كبير من عظيم المصائب
وما قد عرى أهل الديانة والتقى ... فحقٌ على خل دهي بالمعاطب
يريق دموع العين سحًا ودائمًا ... ويبكي طويلًا بالدموع السواكب
لموت إمامٍ قام لله داعيًا ... شمائله تسمو لعالي المراتب
فأعظم بهذا الرزء أي مصيبةٍ ... وخطبٌ دهى بالمزعجات اللوازب
تنادي بها السكان في كل مشهدٍ ... وسارت بها الركبان فوق النجائب
لموتك يا عبد العزيز مصائبًا ... تهون على أربابها في الأقارب
لأن كنت يا عبد العزيز فجعتنا ... وجسمك أضحى في تخوم السباسب
وربعك أمسى دائرًا ومعطلًا ... عليه رياحٌ تعتلي بالكتائب
فوا أسفًا من فقده وفراقه ... فمن مثله في شرقها والمغارب
إمامٌ لشرع الله يبدي مفسرًا ... يحل عويص المشكلات النوادب
يدين بقال الله قال رسوله ... فوائده يهدى بها كل طالب
يقضي بتدريس العلوم نهاره ... مديمًا عليها في الضيا والغياهب
يقرر توحيد الإله بجهده ... ولم يكترث يومًا بكل مشاغب
لقد كان حبرًا للأنام ومفتيًا ... تحيط به الطلاب من كل جانب
يبين لهم حقًا ويردي لباطل ... فمورده عذبٌ زلال لشارب
يعامل أهل الخير بالود والصفا ... ويرجم أعداء الهدى بالثواقب
وفي سنة المعصوم أضحى موضحًا ... لتقرير مسنون وتبيان واجب
كما فاق في علم الفرائض غيره ... وفي النحو والقرآن قد جاء بالعجائب
فمن مثله في الخلق يؤتى لمشكلٍ ... ويجلو ظلامًا من عضال الغياهب
وفي كل فن فكره متجول ... يعيد ويبدي غامضات المصاعب