وقاسيًا صلبًا وخطيبًا بارعًا، فأثار بقوته واندفاعه وصلابته ووقوفه متحديًا القوات الألمانية، وروح المقاومة في الشعب الإنكليزي، وبذلك تمكن من الثبات والدفاع المستميت لما بدأ الألمان في إرسال غارات جوية هائلة على إنكلترا تمطر أهلها موتًا ودمارًا في هجمات مروعة لما رفض تشرشل عروض هتلر واستعد غورينغ المارشال للطيران الألماني، فوجه ضرباته الشديدة وغاراته الجوية الساحقة على السلاح الجوي البريطاني وعلى المراكز العسكرية في الجزر الإنكليزية، وبدأت المعارك بهجمات قام بها سلاح الجو الألماني فضرب موانئ لندن والمطارات الإنكليزية، ثم بدأ الهجوم على لندن نفسها ثم على المدن الصناعية الإنكليزية، وبذلك أصبحت معركة بريطانيا أعظم معركة جوية في تاريخ العالم، وكان غرض الهجوم الألماني الجوي الأول تدمير المطارات الإنكليزية والقضاء على أكبر عدد ممكن من الطاثرات والطيارين، وقد ابتدأت المعركة في آب من ١٩٤٠ م وامتدت إلى أواخر شهر تشرين الثاني، وكان هجوم الألمان شديدًا في شهر آب، وتتابعت موجاتهم واحدة تلو الأخرى، فلما اعتقدوا في أوائل شهر أيلول أن قد تم لهم ما أرادوه وقضوا على المطارات أو أكثرها توجهوا إلى لندن لضربها ظنًا منهم أنه لم يبق هناك قوة جوية كافية لحمايتها.
ولما كان في سابع شهر أيلول هاجمت ٣٧٥ طائرة ألمانية مدينة لندن في وضح النهار وألقت عليها القنابل المتفجرة والمحرقة دون هوادة ولا رحمة فدهشت لندن لجسامة الخطب وهول الهجوم، وقامت بريطانيا في هذه العركة التي قلبت مصائر الحرب رأسًا على عقب وحاربت حرب المستميت، وقابلت السلاح الجوي الألماني بما تستطيعه من طياريها وطيارين الأميركان والكنديين والأيرلنديين واستعملت المدافع المضادة للطائرات حتى تمكنت من إسقاط كمية من الطائرات المحلقة فوق جوها يقدرها بعضى الناس بمائة وخمس وثمانين طائرة بينما كانت سيارات الإطفاء تعمل ليلًا ونهارًا لإطفاء الحرائق التي كانت تنشب في العاصمة من جراء هذه الغارات الألمانية فعدل الألمان من الغارات النهارية إلى الغارات الليلية وهذه وإن