من السيول على مر السنين، فشرع في هدمه وأضيف له سعة من جهة الشمال، وقام الشيخ بأعباء العمل، وكان قد شاور الأعيان من الأهالي فوافقوه على ذلك، غير أن الشيخ هو الذي باشر المهمة بنفسه وبعث بالأخبار إلى جلالة الملك، فبعث الملك أيده الله ورفع قدره مساعدة على العمل، وهذه المساعدة قدرها خمسة عشر ألف ريال فرنسي، وتقدر بخمسة وأربعين ألف ريال سعودي، وكم لهذا الملك من الأعمال الطيبة والمسارعة إلى كل مشروع ديني، ولما أن هدم إلى اسه عدل الشيخ جهته وأقيمت العمد كأحسن ما يكون في القوة والحسن، وجعل محل السقف الخشي عقودًا من الحصا وكان الشروع في العمل في ١٥ جمادى الأولى، ثم إنه جلب إليه مهندسين وأكثر من العمال في بنائه فاستقام من طين وأحكم بنائه إحكامًا مبرمًا، وقام الشيخ أكمل القيام فكان يباشر وضع العمد والجدر ويرشد المهندسين إلى إكمال العمل، وقد وزع الأهالي وقت بنائه في أربعة مساجد من بريدة، وكان انتهاء العمل في ٩ شعبان إذ امتد وقت العمارة ثلاثة أشهر إلا قليلًا، وتعتبر هذه المدة قصيرة لكبر المسجد ولأنه أصبح يسع خمسة آلاف من المصلين، وتعد هذه الخطة حسنة خالدة في تاريخ الشيخ المذكور والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، وقد قام أهالي عنيزة فعمّروا مسجد الجامع في مدينتهم وأتقنوا صنعته، وقد امتاز علمهم الخيري بأن غالب النفقة كانت من الأهالي وفقهم الله وأكثر القائمين بالأعمال الدينية.
وفيها طلب أهالي مكة من جلالة الملك عبد العزيز أن يسنّ بهم سنته في أهل تجد بأن يجعل عندهم من ينظر في مشكلات القضاء، وشكوا إليه ما يقاسونه من ضياع أموالهم في طول المراجعات والتردد إلى المحاكم، فأتحفهم بالشيخ العالم العاقل محمد بن عبد العزيز بن مانع صاحب شرح عقيدة السفاريني، وكان عالمًا حسن الخلق ذا بصيرة وسياسة وتجربة في الأمور، أشمط اللون، قصير القامة، فجلس المذكور في مكة على كرسي العدالة، وطلبت منه الحكومة رجالًا من المنتسبين إلى العلم في نجد يكونون مرشدين يعظون في مساجد مكة المشرفة ويدّرسون في كتب