تفرد في تصريف كل مكون ... فمن ذا له عما قضى الله مهزم
رضينا به ربًا مليكًا مدبرًا ... لأملاكه والرب بالخلق أعلم
فما قدم الرحمن ليس مؤخرًا ... وما أخر الرحمن ليس يقدم
فيا نفس صبرًا فاستريحي من الهوى ... فإن إله الخلق ليس هو يظلم
لقد كتب الله الفناء على الورى ... ألا كل حي حبله متصرم
فهذا مضى قدمًا وذا فهو لاحق ... وكلٌ لكأس الموت لا بد يطعم
ويبقى إله الحق جل جلاله ... جليل تعالى وجهه ومكرم
فلو كان حي في الحياة مخلدًا ... لكان رسول الله حيًا ينعم
لكنها الآجال تأتي ببغتةٍ ... وما ليست الأسباب منها تسلم
ولو كان مِن ريب المنية مدفع ... لكان محب عن حبيب يكلم
ويفديه بالغالي بما قد حوى له ... بمالٍ وجاهٍ إذ لديه يسلم
فما طرقتنا دهرنا من مصيبةٍ ... عليها دموع العين في الخد تسجم
ترانا بحزن باهتين بلوعةٍ ... ونار الأسى في حرها تتضرم
لسبعٍ من الأيام من بعد عشرها ... بذي قعدةٍ من أشهر قد تحرم
لأربع ساعات مضت من نهارها ... بيوم الثلاثا بعد ألفٍ محكم
وفي رابع الستين من ضبط هجرةٍ ... ثلاث مئين قد تعد وترقم
بأعظم منها نكبة ومصيبة ... فأسبل كلٌ دمعه يتسجم
ومذ سار نعشه إلى نحو جامع ... فإن قلوب الناس يذبها التألم
ومنه إلى نحو القبور مشيعًا ... تريق دموع العين سحًا منظم
على ابن عبيد واسمه عبد محسنٍ ... فتى من كرام فضله ليس يبهم
لقد كان ذا قلب قنوعٍ برزقه ... صبورًا على الشدات اذ حل مؤلم
يكابد آلامًا ويئني لربه ... بخير وللشكوى عن الخلق يكتم
تدرع جلباب الخمول بمرةٍ ... فما نفسه يومًا عراها التقدم
له في كمال العقل حظ ومسمت ... وليس بطياش يصول ويشتم