وكان له أخوة ولديهم ثروة عظيمة، فكان يجمع زكاتها ويقسمها على فقراء طلاب العلم، وموضعه في حارة السادة من بريدة لأن لهم هناك البيوت والنخيل، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويرحم الضعيف والفقير، ويزوره المحبون للخير فيبش لهم ويذهب بهم إلى بيته لتناول القهوة والرطب وما يستطيعه.
ويحب الوحدة والعزلة فإذا جئته تجده إما راكعًا أو ساجدًا أو متوضئًا أو تاليًا للقرآن أو مطالعًا أو مفتشًا في كتب أهل السنة، وقد حج سبعًا وعشرين حجة، وله سمت وحياء، وهذه صفته:
كان قصير القامة، نحيف البدن، أسمر اللون، عاقلًا وقورًا يظهر البشر، ويعلوه بهاء الطاعة ونور العبادة، كث اللحية أشمط، وكان يكثر صيام النفل، وكان مرضه بالسل، ولبث مريضًا أربعة أشهر، وأصيب ببلغم شديد ثم مات على حالة حسنة، وحزن لفراقه أهل الدين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وبالجملة فإنه يعد من زهاد أهل هذا الزمان وخيرة خلق الرحمن، وقد يبحث إخوانه في أمور الدنيا والأخذ والأعطاء فلا يشاطرهم بكلمة تتعلق في أمور الدنيا.
فنسأل من بيده الضر والنفع والرفع والوصل والقطع أن يتغمده بفضله ورحمته ويسكنه بحبوح جنته.
ومما قلت في مناسبة وفيات جرت في هذه السنين قصيدة أنشدتها في هذه السنة، وذلك لما توفى أناس من إخواننا وخاصة أحبابنا، فعظمت لذلك الأشجان وهاجت لفراقهم الأحزان، وتتابعت المصائب آخذًا بعضها ببعض، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها، وهذا مصداق ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من تقارب الزمان وظهور الفتن وانتزاع العلم وذهاب الصالحين وكثرة الأشرار والجاهلين، فلما رأيت هذه المصائب العظام وذهاب الصالحين كسلك النظام أبديت ما ترى من هذا القريض الذي باح به اللسان وعجز عن كظمه الجنان، نسأل الله أن يجبر كسر المنكسرين ويجمعنا وأحبابنا في دار المقربين: