للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم صاح مبادرًا بالأطباء فما كان إلاَّ لحظة حتى أقبلوا كالسيل المنهمر وجعلوا يضمدون الساق ويبذلون وسعهم في العلاج. أمَّا المصاب فنسي ألمه وقبض على عنق الملك يدعو له ويقبله ويبكي لبكائه مناديًا بأعلى صوته قد سمحت يا طويل العمر. ولمَّا أن رجع من صلاة الاستسقاء أمر له بصرة ذهب تقدر بمائة وخمسين جنيهًا ذهبًا وأن يشتري له بيت يسكنه وعائلته ونفذ له أمرًا بسيارة يركبها. فعاش في أرغد عيش. ومرَّ في بعض الأيام وكان قد خرج من الرياض يريد المربع بجمَّال أعرج يمشي خلف بعير على ظهره حمل من الحطب وكان يومًا شديد البرد. فوقف يسائله ويعجب لحالته يا عبد الله ما الذي أخرجك في هذا اليوم الشاتي فهلا جلست في بيتك هذا اليوم فربما يأتي الله برزق فأجاب الجمَّال يا طويل العمر أخرجتني الحاجة فوالله إن طعام العائلة والبعير لمن ما على ظهره من الحطب ولو وجدنا كفاية يومنا لما خرجت في هذا البرد الشديد فناوله صرة يظنها ريالات ولمَّا ولَّى الجمَّال مدبرًا أخبره السائق أنَّها صرة الجنيهات لا الريالات الفضية وأنَّها ثلثمائة جنيه ذهبي فنادى الجمَّال فأقبل إليه كاسف البال ظنًا منه أنَّه يستردها فقال له ابن سعود: أردت أن أهبك ريالات وما نويت إلاَّ هذا ولكن الله عزَّ وجلَّ هو الذي وهبك هذا الذهب. إنِّي أخطأت فأعطيتك صرة الذهب وبها ثلثمائة جنيه ذهبي فخذها واشكر الله وحده واعلم أن هذه القطعة الصغيرة تساوي أربعين ريالًا من الفضة وذلك لأن هذا الفقير لا يعرف قدر الذهب ثم قال: أشير عليك يا ولدي بالعقار وأعمل ولا تكسل. فاشترى بها نخلًا وزرع وأصبح ذلك الصعلوك غنيًا وما يزال الرجل موجودًا. ولمَّا كان بعد منتصف القرن الرابع عشر أسس الموضع المعروف بالمربع وكان موضعًا اختار سكناه لتكون الحاشية كلها فيه فكان العمال الذين في بنايته تسعمائة من الرعية. فقال الوزير له: إنَّ هذا القدر من العمال كثير. فقال: إني لمَّا عزمت على ذلك المشروع كان من نيتي أن يتعلق