ظهر أنَّ صاحب السيارة أحد أمراء البيت السعودي فأمر بأن يحضر بين يديه ولمَّا أن حضر نزع عباءته الوبر وأجلسه مع خصمه أمامه وقال له: إن أول ما نأخذ الحق من أبناءنا فلما رأى هذا المُتظلم عدله وإنصافه وأنَّه لا يحابي جعل يبكي لهذا العدل والإِنصاف وقنع وطابت نفسه. فقال له: لا تبكِّ فلك عليَّ أحد ثلاثة أمور أتريد الشرع أحلتكما عليه فهو مبذول أم تريد أن أكون أنا الحكم بينكما أو تعفو عن صاحبك فمن عفا وأصلح فأجره على الله تكلم يا بني فالحق لك فعجز المتظلم عن الكلام غير أنَّه زحف حتى وصل إلى قدمي الملك فجعل يقبلهما ويبكي ويقول: يا طويل العمر قد عفوت وسمحت فإذا كان الداعس نجلكم فأنا وابني أولادكم غير أنَّه جعل يردد عليه كلمة العفو وهو يجيب بقد عفوت قد عفوت وكنت أظن فيما يظهر لي أنَّه لم يعلم أنَّ صاحبه من البيت المالك، فلما تبلغ جميع الحاضرين عفوه قال له: جزاك الله خيرًا ورضاؤك حاصل. فأمر له بجاريتين وغلام وثلاثين ألف ريال بينما كانت الدِّية إذ ذاك أقل منها بكثير وسيارة من مركوبات الأمراء تساوي ستة عشر ألف ريال وأربعة مشالح من الوبر الطيب وكسوة فاخرة. فانظر إلى توفيق هذا الملك العادل المنصف، ولقد كان في ذلك عبرة ولقد بعث إلى كل المقاطعات في المملكة لما أن وقعت الحرب العظمى الثانية ودخلت إيطاليا الحرب قرضا من البر والذهب والإِبل مساعدة للفلاحين وذلك على توالي سني الحرب وآخر ذلك عفا عن استرجاعها مراعاة للرعية.
ولمَّا لاح للنَّاس شبح الموت نتيجة امتناع المسلمين عن الحج بسبب الحروب التي سببتها الحرب العالمية، وخشية توقف سير السفن في البحر الأحمر وأخذ كل واحد يعمل لإدخار الأرزاق في بيته ولسان حال كل فرد منهم يقول نفسي نفسي. قام وجمع الزعماء وطمأنهم على حياتهم قائلًا: لا تخافوا سنشاطركم ما لدينا من مال وأرزاق ثم أجرى مبرة ملكية من الخبز