للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمر (وهي كلمة دعاء في نجد) أريد بشتًا ويأتي آخر يقول أريد ناقة فيعطى كل سائل ما سأل. وكان في وقت الشرهات يفد على قصره من العلماء والأمراء والرؤساء وأصحاب العوائد ما يزيد عن خمسمائة ألف. أمَّا البيوت التي تصرف لها الرواتب الشهرية من الأشراف والسادة والأئمة والخطباء السابقين فتقدر بثلاثة آلاف بيت، هذا عدى ما يصرف في حنادس الظلم سرًا على الأرامل وذوي الحاجات وما يوزع على العموم في سائر البلدان. وكان الموزع يسير في منتصف الليالي المظلمة فيطرق البيت سرًا فيدخل يده في الكوة ويعطيهم ما لا يعلمه إلاَّ الله ويوصي أهل البيت أن لا يبوحوا بمصدر تلك الصدقات، ولقد جاء إليه رجل من أهل مسقط فقدم لجلالته نوقًا عمانية أصيلة فأمر له بشرهة قدرها عشرة آلاف ريال وقيد اسمه ضمن ضيوف ذلك اليوم فكان يعطى كل سنة عشرة آلاف ريال. فقدر أنَّ رجلًا شابه اسم هذا الرجل مرة من السنين فأعطي العشر الآلاف، فأخذها وانصرف. وفي صبيحة اليوم الثاني جاء صاحب النوق وسلم على جلالته فقال له المغفور له: هل أعطيت شرهتك؟ فقال: لا. فغضب وسأل عن سبب ذلك. فقال أمين المال: إنَّه دفع المبلغ وأخذ إيصالًا من صاحبه. ولدى البحث عن صحة ذلك. ظهر لهم تشابه الاسم وأرسلوا خلف البدوي وأحضروه فلما حضر وفهم بما حصل خشي أن يسترجع منه المبلغ الذي أعطي له غلطًا لتشابه الاسم، ولكنهم لم يفعلوا بل جاؤوا به إلى الملك. فقال له جلالته: كم أخذت؟ قال: عشرة آلاف. فقال له الملك: هي لك من عند الله. فخرج من مجلسه يحمد الله ويدعو للملك. وأمر لصاحب النوق بمثلها أيضًا. واستوقفته امرأة عجوز مرة في الطريق وقالت: يا عبد العزيز أسأل الله أن يعطيك في آخرتك كما أعطاك في دنياك. فسر لهذه الدعوات أعظم السرور وأمر أن يعطى لها كل ما كان لديه في السيارة فإذا بها عشرة أكياس، كل كيس فيه خمسمائة ريال، الجميع خمسة آلاف ريال.