مصاب به أرواحنا قد تزلزلت ... فيا هل ترى مثل المصاب وأصعب
لقد مات كهف الخائفين وحصنهم ... إذا عظمت أهوالهم ثم خيبوا
لقد مات ذخر اللاجئين وأنسهم ... إذا أزمت غير السنين وأجدبوا
لقد مات من في ظله أمْن خائف ... ثمال اليتامى عيشهم حين يسغبوا
لقد مات من في كفه عدل منصف ... وبر وإحسان إذا النَّاس جنبوا
لقد مات من قد هابه كل عابث ... وخافته قطاع الطريق وتببوا
لقد مات طود العلم والفضل والنهي ... وحامي حمى السمحا وعاهل يعرب
لقد مات ليث في المعارك يتقى ... يلوذ به السكين يخشاه مذنب
ويقات به أهل الدائن والقرى ... وفيه لعمري للرعية مخصب
سهام الرزايا قد أجادت بزخرها ... وحر لظاها في الجوانب يلهب
ودين الهدى أضحى مريضًا مدنّفًا ... حزينًا كئيبًا ضره متصعب
على فقده يبكي ظهيرًا مساعدًا ... وحق له يبكي دوامًا ويندب
فيا عين جودي بالبكاء وبالأسى ... وسجي دموعًا وكفها يتحلب
وأسعف دموع العين يا صاح جاهدًا ... بذرف دماء فوقها تتسكب
وناد بأعلى الصوت إن كنت صارخًا ... سلام على الدنيا إذا كان يذهب
لموت أبي تركي تراق مدامع ... ويعلو نحيب حره يتلهب
فآهًا على عبد العزيز الذي به ... بناء الهدى سيم خسفًا وينكب
هو الليث في اللقا إذا الحرب شمرت ... وقد هابها شوس الرجال وأرعبوا
فمن مثله في النَّاس يخشى ويرتجى ... هو العارض الهطال يرجى ويرهب
فخذ منه ما أملته وهو مقبل ... وإياك واليوم الذي فيه يغضب
حبيب إذا سالمته متعطف ... شديد إذا عاديته يترقب
له راية تردى الأعادي إلى الورى ... ووثبة ضرغام إذا البأس ينشب
يصول بعزم باسل متوقد ... بعضب يمان للجماجم يسلب
لقد كان ذا قلب سؤل لربه ... مطيعًا منيبًا قانتًا يتقرب