وأمرها بيد أهلها، وليس لك فيها أمر ولا نهي وهم يريدون أن يصلحوا أنفسهم مع الإمام فإن أردت أن تكون كذلك فافعل، فلما رأى انحلال الأمر من يده هرب من عنيزة وقصد بريدة وهربت عنه جنوده وكل مؤازر ومعين.
ثم أن رؤساء أهل عنيزة جاءوا إلى الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين وقالوا له إن هذه الأمور التي منا وقعت والحوادث التي قد صدرت لا يصلحها إلا أنت ولا يزيل غضب الإمام ورؤساء المسلمين إلا أنت فقال لهم إنكم تعلمون أني لست من أهل بلدكم ولا عشيرتكم ولا يحسن مني الدخول في هذا الشأن، الذي ركض فيه الشيطان فاعفوني ودعوني وأرسلوا في هذا الأمر غيري فقالوا له إن هذا الأمر قد تعين عليك فعند ذلك قال إني أخشى من إخلاف وعد، أو نكث عهد، أو شيء من الأمور التي يختلف فيها فيجد الإمام في نفسه علي، وأكون مسبة لأهل الإسلام فلما قرروا له ذلك، ركب الشيخ رحمه الله إلى الإمام فيصل في بلد المذنب فأكرمه الإمام، ووقره واحتشمه، ولما سعى بالصلح صفح عن كل صاحب جرم وخطيئة وعفا عفوًا عامًا وأعطاهم الأمان، وكم له من منقبه عليا.
ثم أن الإمام فيصلًا أرسل إلى عبد العزيز المحمد يدعوه إلى السلم أو الحرب فأراد الهرب من بلده فأشار عليه إخوته وأولاده ورؤساء قومه ألا يهرب وقالوا له إن هذا الإمام حليم كريم وعادته العفو والصفح فاجلس في بلدك، ودعنا نركب إليه لعله أن يعفو عنك ويسمح ويصفح، فركبوا إلى الإمام وقالوا له لما جثوا بين يديه أن هذا الرجل قد أسلم، واستسلم ووجهه من الفشل قد تغير وأظلم، وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت، ومقته أهله وأقاربه، ونحن حاولناه على القدوم إليك، والجلوس بين يديك، فأجاب بأنه ليس لي وجه يشاهد إمام المسلمين بعد نقض البيعة وتجنيدي عليهم الجنود ورفع الرايات على الإمام والمسلمين، وإنه يقول إما أن تصلحوا حالي معكم وإلا تركت لكم بلدكم، وقد جئنا إليك فيه متوجهين وفي جناياته شافعين، وأنت أهل أن تدمح زلته، وترحم انكساره وذلته، ومن عاداتك العفو والإحسان لأنك قد عفوت عن الجليل والحقير، وهذا من خُلُقك ووجبلتك، فلا يكون هو المحروم من بين رعيتك.