فقال وفقه الله هذا رجل جرمه كبير ولا بد من قدومه إلينا وأخذ ما بيده من الحلقة والسلاح، فلم يزالوا إليه يشتفعون، وإلى بابه يترددون حتى سمح له أن يسكن البلد فقاموا وضمنوا للإمام على عبد العزيز جميع المخالفات، وبذلوا للإمام السلاح والخيل العتاق، وقاموا بالعهد والميثاق فسمح له أن يسكن، وقبل شفاعة إخوته وأولاده، وجعله أمير في بلدة بريدة، وكان عبد العزيز ليس له قوة ولا شهرة بل كان من أوسط عشيرته، ولكن والد فيصل اختاره واستعمله أميرًا في بريدة وكف عنه عشيرته آل أبي عليان فإنهم من أقوى العشائر، ولهم فتك وطوارئ وصولة من بعضهم على بعض في القتل والقطيعة.
وجعل الإمام تركي يحوطه من أمامه وخلفه خوفًا عليه من أعداءه، حتى هابه بنوا الأعمام والعشيرة وارتفع صيته في هذه الجزيرة، أفيحسن فيمن كان هذا فضلهما، واحسانهما العاملة بالمنابذة والعصيان.
وبعد هذا العفو والإحسان الذي جرى من فيصل، فإن عبد العزيز لم يأمن منه بل لما أقبل الإمام فيصل قافلًا من مغزاه في سنة ١٢٦٦ ونزل أبا داود الموضع المعروف شمالي القصيم دخل عبد العزيز الخوف والوجل لما تقدم منه من النقض للعهد وحرب المسلمين فأمر أهل بلده بالمغزا، وتجهز معهم فلما خرجوا قاصدين الإمام صرف ركابه وخيله وقصد الشريف محمد بن عون في مكة هو وأولاده وترك نساؤه فلما علم بذلك الإمام فيصل ترحل بالمسلمين ونزل بريدة ودعى إخوة عبد العزيز وقال إن أخاكم هرب من البلد بلا سبب أتاه منا والآن ليس في ذمة الإسلام والمسلمين منه شيء، فخافوا على أمواله، وتلطفوا بالقول للإمام وقالوا عادتك الصفح والإحسان عمن أساء، وقد جرت عادة الله لك فيمن أحسنت إليه وكفر إحسانك أنه لا بد أن يكون في قبضتك، فترك الإمام لهم جميع أمواله واستعمل في بريدة أخاه عبد المحسن بن محمد أميرًا عليها.
ولما وصل عبد العزيز إلى الشريف أهدى إليه ما كان معه من خيل وسلاح