فوعده ومناه حتى استحصل الهدايا فجفاه وأقام عنده مدة أشهر يتودد إليه فقال الشريف، إن هذه الجنود التي عندنا لا تسير إلا بدراهم؛ ولا يمشي الرجل إلا بعطاه قبل ممشاه.
وكان عبد الله بن الإمام قد وصل في مغزاه إلى مران فداخل أهل الحجاز الرعب وانعكس أمر عبد العزيز وعلم أن أمره آل إلي تباب فرجع بعد الفزعة إلى النزعة، وطلب من الشريف أن يشفع له عند فيصل ليرجع إلى بلده ويجتمع بأهله وولده وصارت الرسل تتردد إلى فيصل وهو إذ ذاك في قطر، ويشفع لعبد العزيز أن يرده أميرًا في بلاده ولا عليه بأس، ولا له أمر ولا نهي على أحد من الناس فسمح له فيصل بذلك وأذن له أن يركب مع جلوي غازيًا إلى قطر فرحل جلوي غازيًا بأهل القصيم معه عبد العزيز، ولما قدم على فيصل في العراق عاتبه على ما مضى منه فما أجاب إلا بالاعتراف، وطلب العفو والمسامحة فعفا عنه وسامحه، وأقام معه حتى قفل واستعمله أميرًا في بلده.
أضف إلى ذلك ما جرى منه في واقعة سنة ١٢٥٧ هـ وما أدراك ما هي إنها واقعة بقعا مشؤمة على أهل القصيم، وذلك بأنها أغارت عنزة من أتباع القصيم على فريق من شمر أتباع بن رشيد فأخذتهم فخرج بن رشيد وأغار على عنزة فأخذهم، فبلغ الخبر الأمير عبد العزيز المحمد وكان بلوغه في ضحى يوم الجمعة فغضب لذلك ووافق أن الخطيب وهو الشيخ سليمان بن علي بن مقبل يخطب على منبر جامع بريدة فقال في موعظته والناس منصتون للاستماع "الفتنة راقدة لعن الله موقضها" يريد بذلك وعظ المسلمين كجاري العادة، فقام الأمير عبد العزيز وسل السيف في ذلك المجمع العظيم وجعل يهزه يرفع قدمًا ويضع أخرى ويرغي ويزبد، يقول يا أيها الناس لا يخذلكم هذا الخطيب فإنه عبد لا يساوي ربعين، فرجلاي هاتان والله لأطئن بهما ابن الرشيد ولأهدمن قصره في حائل، ثم جند الجنود بعد الصلاة، وخرج وأمير عنيزة على ميعاد، ولما توافوا مع وجعان الرأس من شمَّر أخذوا منهم أموالًا كثيرة من الإبل والغنم والأثاث فقال يحيى بن سليمان