أخذت في الانحطاط عام ١٣٣٠ هـ لتغير المياه إلى الملوحة وجلى أهلها الذين كانوا ساكنين فيها وما زالت في تأخر حتَّى لم يبق فيها ساكن ولا مساكن ولا ديار ولا نافخ نار ولا ترى فيها إلَّا اليوم والثعالب وأصبحت تلك النخيل خاوية على عروشها وبئرًا معطلة وآثار قصر مشيد. قال الله تعالى في ذكر تقلب الأيَّام: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} وتفرق أهلها بعد مرور الجوع والفقر عليهم وهجرت وأصبحت مساجدهم وقصورهم جاثمة خاوية على أصولها. ويحدثنا التَّاريخ عن بشر الحاكم حسن بن مهنا الواقعة في شرقيها وكيف كانت أثرًا بعد عين ولقد خرجت صحبة والدي قدس الله روحه في عام ١٣٤٦ هـ وعمري يناهز الحادية عشرة وكان قد دعي إلى وليمة الغداء في خب القبر المعروف لدى علي عبد الرحمن بن سلمى فكنا نسير على أقدامنا ولما نزلنا على العكيرشة من موضع يسمى الجادول نظرت إلى تلك الخربات والأطلال الدامرة وجذوع النخل الخاوية هناك فنفج ثعلب من بين تلك الخربات فضحك الوالد رحمه الله متعجبًا وقال لي: انظر أملاك الدغارا وكيف كانت بعض القصور مأوى للثعالب فأخذنا بذات اليمن إلى أن وصلنا مزرعة من بقية مزارع وهطان كان صاحبها قد طلب من الوالد المرور عليه فيها لأنَّه في طريق من كُنَّا ذهبنا لدعوته فجلسنا لديه للراحة وتناول شراب القهوة ورؤية تلك الآثار. وفي عام ١٣٨٠ هجرية دبت فيها روح الحياة وأقبل عليها النَّاس يقيموها قصورًا ومساكن بعدما كانت مزارع مهجورة وذلك لما زحفت الجهة الشرقية من العاصمة إليها واتصلت بها المساكن بعدما كان ما بينها وبين المدينة قرابة كيلوين. وكانت المحكمة الشرعيّة بمدينة بريدة قد وسدت إليَّ الأمر بتوزيعها على الورثة المستحقين لها لكوني