روعهم واطمأنت إليه قلوبهم، ولو كان الأمير عليها إذ ذاك غيره لوقع في الأحساء خلل كبير؛ فزاره علماء الأحساء وقضاتها وأعيانها، ودعوا له وشكروه وأقر كل موظف على وظيفته جزاه الله خيرًا، وأنعم عليه، وبعث رجالًا يخرصون الزرع في الأحساء والقطيف فخرصوها من غير ظلم، ولبث في الأحساء في أمن وأمان حتى خلفه غيره من الأتراك فانعكس الأمر.
ولما قدم على سدير عن أمر خالد بن سعود سنة ١٢٥٤ هـ، وكان قد بعثه يريد منهم أموالًا تعزيرًا ونكالًا، كانت إمارته في سدير دفعًا من الله عنهم وعن بلدهم، وجعل يرى العسكر ضعفهم ويدافع عنهم بحسن سيرته، ويحرض العسكر على الرفق بهم لما هم فيه من الشدة والقحط، فما أخذوا من كل بلد إلا أربعين ريالًا أو خمسين ريالًا، وما زال يضع عنهم ويدافع ويسترضي حتى وقى الله بسببه ظلم الأتراك، ويكفيك معاملة الله له ولأنجاله، ومن كان مع الله كان الله معه، فانظر كيف كان عاقبة الأمير أحمد وعاقبة أولاده بأن ملكهم الله جل ذكره وجعلهم قادة لأهل الإسلام.
ولما ولاه الإمام فيصل إمارة الأحساء سنة ١٢٦٠ هـ كان موضع الثقة والأمانة لما منّ الله عليه به من السمع والطاعة، أضف إلى ذلك رأيًا وعقلًا وشجاعةً وسخاء ولين جانب وسماحة مع الناس المسلمين، وشدة وصلابة على أعداء الله من المفسدين.
ولقد كان كثيرًا ما يصلح الله على يديه الأمراء وينتظم بأسبابه أمور التوفيق والهدى، ولما رأه فيصل بهذه المثابة أمره أن ينظر في المصالح الخاصة والعامة من إصلاح الثغور ونفي الخبائث والشرور، وجعل يحث الناس على الاجتماع للصلوات في المساجد، وتأديب أهل الكسل من كل مخالف ومعاند، وإن أحمد وأبناءه ليعتبرون من أحسن الناس سيرة وأصفاهم سريرة، وكانوا مع ما هم فيه من الولايات الفاخرة الرفيعة لا يعهد منهم تقلب ولا مكر، ولا يضمرون الحقد والغيظ في الصدر، فلو نظرت إلى أصغرهم لقلت حاز الأدب من بين الأقران، ولو