الماء لأنَّ الصمَّان مضماة في لغة العامة فمرَّ به راكب بعير يحمل ماء كثيرًا فاعترض له إبراهيم وسأله قليلًا من الماء في إناء كان يحمله وقال له: انظر لحالتي في هذه الأرض المهلكة فردَّ عليه ردًّا قاسيًا وأبى أن ينعشه بشيء من الماء فقال: أحسن إليَّ فقد ذهب رفقتي ولا أعلم متى يرجعون فلم يعره اهتمامًا بل ذهب وتركه فرجع إلى رحله مكسوف البال ولمَّا أن وصل وجد كلبًا قد خلفه واحتفر حفرة يتمرغ في الثرى من شدة العطش فعلم ما أصابه ورق لحالته وصب له من الإِبريق رحمة له وثقة بالله بأنَّه لا يضيعه فقدر أن غمامة ساقها الله عزَّ وجلَّ إلى المخيم فصبت ماءها بقدر منزلهم وجعل يغترف من الماء حتى ملأ جميع ما بين يديه من الأوعية ثم نشفت الأرض. أمَّا عن صاحب الجمل فقد عثر جمله بعد ذهابه ورجع إلى إبراهيم يقول: اشتروا الجمل فقد عثر وانكسرت بعض قوائمه فقال: إليك عني فلا رغبة لنا بالجمل وإنَّك معاقب بتركك رحمتي بهذه الأرض المهلكة فلما أيس الأعرابي من حياة الجمل تركه مسيبًا وذهب لعلمه أنَّه سيهلك ولمَّا أن رجع الرفقة من آخر الليل وجدوا الجمل بآخر رمق فنحروه وأكلوه وفي ذلك عبرة لمن كان له قلب وأنَّ المسلم ينبغي له مساعدة أخيه إذا احتاج إليه ونظرًا إلى أنَّ الله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
رجعنا إلى ما نحن في صدده، فممن توفي فيها أيضًا من الأعيان الشيخ طاهر الدباغ وكانت وفاته في رجب وطاهر هذا هو الذي جعل يكلم الحسين الشريف بالتليفون ويتحدث معه بشأن تنازله بينا أنَّ الحسين يضرب أخماسًا بأسداس بين مصدق ومكذب وكان طاهر مناصرًا للبيت الهاشمي في أيام الحسين بن علي ولمَّا أن أرادوا خلع الحسين وتولية ابنه علي وتأسس الحزب الوطني الحجازي كان طاهر هو سكرتير الحزب ولمَّا أدار الله دوائر السوء على الحسين وأولاده ونزحوا عن الحجاز فرَّ طاهر وبعض الشخصيات الكبرى إلى الخارج إلى مصر وبورتسودان ومصوع وذلك لما