يجرح عواطف الهاشميين فبعث عبد الحميد للأمير يقول: نعم سافر لأن ابن سعود عرف كيف يستميل خصومه بينما إنكم لم تستطيعوا الاحتفاظ بأصدقائكم. ولما أن قدم طاهر الدباغ ومحمد عبد الله صادق ووقفا أمام حضرته مستغفرين ونادمين قال لهما: عفوت عنكما عن الماضي وإنِّي أريد منكما أن تعاهداني على الإخلاص للدين والوطن وأمَّا شخصي فدعوه جانبًا. وبعد المعاهدة قال: لا شك إن المعارف هي أساس نهضة الأمة وهي قلب الدولة النابض ولذلك فقد أمرت بإسناد مديرية المعارف العامة في المملكة العربية إليك ليعلم الناس إنا وضعناك في قلوبنا ثم أسند أيضًا مديرية إحصاء النفوس العامة في المملكة العربية إلى محمد عبد الله صادق. ولمَّا أن تولى المترجم إدارة المعارف أدارها إدارة حسنة وفي إدارته تأسست أول مدرسة ثانوية باسم تحضير البعثات ومهمتها إعداد شباب البلاد المتعلم للتعليم الجامعي وقد نمت هذه الدوحة وأثمرت وأنتجت جيلًا من الشباب المتعلم الذي شغل أعلى المناصب وأهم المراكز في الدولة وكان قد عُيِّن بعد ذلك عضوًا في مجلس الشورى فشغل هذه الوظيفة. وما زال من أعيان الحجاز حتى توفاه الله تعالى في هذه السنة.
وممن توفي فيها من الأعيان الأستاذ رشدي ملحس وكانت وفاته في يوم الأربعاء ١٢ رجب وكان وزيرًا مفوضًا ومدير الشعبة السياسية ويسمى رشدي بك ملحس كان أديبًا بحاثة بدأ حياته في هذه المملكة العربية السعودية كمدير ورئيس تحرير في جريدة أم القرى وكان مولعًا بالأبحاث التاريخية فنشر في جريدة أم القرى أبحاثًا تاريخية عن تاريخ هذه البلاد وحقق كتاب تاريخ مكة للأزرقي وأعاد طبعه ونشره بين الناس بعد أن كان الكتاب نادرًا لا يحصل عليه إلَّا عند من يقتني المخطوطات النادرة وكانت مدته التي قضاها في جريدة أم القرى معبرة عن نشاطه وبعد أن انتقل إلى الشعبة السياسية بديوان الملك انصرف بكليته للأعمال الرسمية والشؤون السياسية