للآخرين. وكان عدد الحجاج قليلًا بحيث لا يتجاوز ثلاثمائة ألف من سائر المعمورة وبذلك يتمكن الحاج من تقبيل الحجر الأسود ومسح الركن اليماني، وأنَّ الحج إذ ذاك لترق فيه القلوب وتذرف العيون ويوجد هناك تحنف وطمأنينة وذلة بين يدي الله عزَّ وجلَّ. وإذا كان آخر يوم عرفة في الوقوف أمام جبل الرحمة فإنَّك ترى عشرات الألوف من المطايا مشاهدة للجبل تحمل الحجاج الخاشعين فوق ظهورها. أمَّا في هذه الأزمان فقد يعزم الإِنسان على الحج صباحًا فما يكون من شأنه في الليلة المقبلة إلَّا وقد وصل إلى مكة المكرمة ولا أعبر عن الطائرات التي تقطع المسافة في ساعتين من الوقت.
هذه نبذة عن حجتنا في هذه السنة فقد التفَّ حولي من الرفقة أربعون رجلًا للحج فاستأجرنا سيارة من ذوات النقل تصميم الشام من صاحبها سليمان الحبيب وكان أديبًا عاقلًا صموتًا فكانت أجرة الراكب إلى مكة المشرفة خمسة عشر ريالًا ما عدا التندة فقد أخذتها بـ ٤٥ ريالًا. وكان من الرفقة الأخ عبد الكريم بن عبد الرحمن الفداء وابن حماد أمير ضيده ومحمد بن سليمان بن بليهد ومحمد بن عامر وسليمان بن إبراهيم بن شريدة وعبد الله بن إبراهيم الدوسري في أناس آخرين. فسرنا في آخر نهار يوم الخميس الموافق ٥/ ١٢ وكان عزمنا للحج ضحى ذلك اليوم فكان من الرفقة الذين فاتني ذكرهم من يحمل زاده خبزًا قد هيأه أهله ومنهم شبيبة يحملون زمزمية شاي وشيئًا من البسكوت. فجاء أحد الرفقة وهو الرجل المثقف عبد العزيز بن سليمان بن سلامة يشتكي من الشبيبة أنَّهم يدخنون ولا يحافظون على الصلوات مع الجماعة فبحسن توجيه ووعظ انقادوا وتركوا الدخان وأصبحوا كأحسن الرفقة جزاهم الله خيرًا فكانوا يسابقون إلى أن يكونوا خلف الإمام. فبتنا ليلة الجمعة في الماء المعروف بالأشعرية وفي الصبح جزنا نشق البيد حتى بلغنا قرية عفيف وسط النهار فصلينا بها الظهر