والعصر جمع تقديم ولمَّا أن كان في الساعة التاسعة غروبي سرنا حتى بلغنا الدفينة الموضع المعروف وقت الغروب ومنها إلى المويه حتى ألجأنا المبيت إلى ركبة. ولمَّا أن صبحنا في ذلك الموضح سرنا بعدما تناولنا ما تيسر من قهوة البن والشاي وما يضاف إليها من وجبة الإِفطار في سكينة وهدوء سرنا متوجهين إلى الميقات السيل الكبير حيث نمر بعشيرة ذات الطلح الحسن الكثير ونزلنا مع الريع وكان ذلك قبل تعبيد الخط وسفلتته فلبثنا في الميقات أربع ساعات من وسط النهار ثم أحرم الحجاج وسرنا تقبل الله من الجميع فنزلنا في مكة المشرفة في محلة جرول ليطوف الحجاج ويسعوا ويكملوا العمرة. ثم سرنا إلى الأبطح وكان صاحب السيارة قد تعاقد مع إحدى العائلات للذهاب إلى منى وعرفات فنزلنا آسفين واستأجرنا سيارة لرجل سوداني اسمه محمد بن عثمان وله رفيق يدعى محمد خير الله يساعده وكنت لم أر مثل الرجلين في صلاحهما وشيمتهما فكنا في حشمة وراحة. ووافق أن نزلنا في منى بجوار سمو الأمير مشعل بن عبد العزيز فأكرم مثوانا وقدم لنا خيمة فاخرة كبيرة جلسنا فيها وقام خدمه بإكرامنا أنَّه كان لدينا خيام لكنه رأى أن يتحفنا بها جزاه الله خيرًا. وبعد نزولنا من عرفات ومزدلفة رأينا دعوته إلى مجلسنا وتشريفنا فأجاب مشكورًا وطلب مني أن أصلي به وبرفقته كجملة رفقتنا حيث خصص للصلاة سرادق في الوسط. وبعد انقضاء الحج سلمنا تلك الخيمة شاكرين وتمت مناسك الحج من وقوف ورمي وحلق ونحر وطواف وسعي. وبعد انقضاء الحج سرنا إلى المدينة المنورة ورجعنا بخير ولله الحمد بحيث لم تستكمل أيام الحج والزيارة سوى أقل من اثني عشر يومًا وإذا أردنا أن نقارن بين حج الماضي والحاضر فإنَّا نجد بونًا بعيدًا ومما يجمل بنا ذكره توفر الأمن والراحة في مكة والمدينة وسائر الطرق وهناك قد سفلت الطريق بين مكة وجدة وبين جدة والمدينة وهناك قهاوٍ أعدت في الطريق ليستريح الحجاج والمسافرون فيها وكانت أجرة الركوب