وطن لهم في فلسطين وأخذت بريطانيا تنفذ مخططاتها لتحقيق وعد بلفور وعينت هربرت صموئيل اليهودي المتعصب كأول مندوب سامي بريطاني على فلسطين عام ١٩٢٠ م فقام بإرغام الفلاحين العرب على بيع أراضيهم وأملاكهم لليهود، وبشتى الوسائل شجع اليهود من جميع أنحاء العالم للهجرة إلى فلسطين وعين عددًا كبيرًا من اليهود في المناصب الكبرى وبذلك كان بين الرماد وبيض جمر، وما أحسن ما قاله القائل:
أرى بين الرماد وبيض جمر ... فيوشك أن يكون لها ضرام
فإن النَّار بالعيدان تذكى ... وإن الحرب أولها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم ... يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعري ... ءَأَيْقَاظ أمية أم نيام
ولمَّا أن نزلوا في الدولة العثمانية جاؤوا إلى السلطان عبد الحميد بكل وسيلة واستعانوا بوزراء بريطانيا بأن يجعل لليهود موطنًا في فلسطين ولكنه رفض طلبهم واستعانوا أيضًا بسفيري بريطانيا وأمريكا على إقناع السلطان لتغيير موقفه ولكنه رفض وآخر ذلك أن منع في عام ١٨٩٣ م من إقامة مملكة لليهود في فلسطين وكان لدهاء السلطان عبد الحميد لم ينخدع لتعطفات رجال بريطانيا واليهود وأصدر أوامر جديدة بمنع اليهود من شراء الأراضي في فلسطين، وحينما قال أحدهم: إنَّ عبيدك اليهود يا صاحب الجلالة مدينون لكم ولأجدادكم العظام وللشعب التركي المجيد بحسن الضيافة والمعاملة التي يلقونها، ولن ينسى التاريخ ما لقيه الشعب اليهودي من العطف والرعاية التي رأوها وهم يدعون لكم بطول العمر، لم يكترث ولم يعبأ بنفاقهم. وآخر ذلك أن قال أحدهم لما قال السلطان: هل لكم شكاية من معاملة غير عادلة كانت في مملكتنا، أجابه بخشوع ورهبة: استغفر الله يا صاحب الجلالة إن رعاياكم اليهود يتمتعون بكل طمأنينة وامتنان ولا يوجد لهم أي شكاية وكل ما هنالك أننا نسترحم منكم ولو قطعة