للقافلة وبين بعض الرفقة الدعو عبد العزيز بن حماد الذي كان من كبراء العقيلات هذا يقول الطَّريق يمينًا وإبراهيم يقول يسارًا حتَّى حصل النزاع بينهما فعند ذلك أمر الترجم بنزول القافلة إلى الأرض للراحة ولا أن نزلوا جعل يقلب القربة ثم وجه كلامه إلى المعارض يقول الطَّريق يسار فوافق عبد العزيز لكنَّه بغير اقتناع، ولما أن سارت القاقلة ليلًا طويلًا مسافة غير قصيرة وطلع الفجر قال: إن أمامكم قوز وهي جبال مجتمعة وستكون موضع راحتنا بعد هذا السري نزولنا يمنة منها ولما أن نزلوا بالقرب منها وظهرت أشعة الشَّمس نادى بأعلى صوته أحد الرفقة قائلًا يا إبراهيم النودلي اذهب إلى ذلك الموضع لجبل من تلك الجبال فستجد فيه شدادًا أي رحلًا وزمزمية سقطت فيه العام الماضي بسب جفول حصل على الإبل فذهب وجاء بها فتأكد الرفقة واطمأنوا إلى كلامه وكان إلى ذلك مقدامًا شجاعًا له مواقف مشهورة فيما يضطره إليه الزمان ومقدمًا في أصحابه فإذا سافرت قوافل تجارية للبلدان المجاورة في المواشي وهو فيهم فهو الأمير لأنَّه مهيب ومحبوب وأديب ولما أن تلاشت تجارة المواشي في البلدان المذكورة ترك الأسفار وجلس في مدينة بريدة موقرًا معززًا لدى الملوك والعلماء والوجهاء محترمًا ووجيهًا لدى ولاة الأمور مقبول الشفاعة مقدمًا ومعظمًا أضف إلى ذلك أنَّه في عداد أهل الدين محافظًا على الصلوات مع الجماعة وما زال في حالاته التقدمية حتَّى وافاه الأجل في ١٧ ربيع الأوَّل من هذه السنة.
ولقد حضرت إحدى دعواته لوليمة العشاء حينما وجه إلي دعوة فلما أن قال تفضلوا على الميسور قام يعتذر بقوله لقد كان من العلوم بأن كل واحد منكم أحسن منا طعامًا وإنما أجبتم جبرًا لخاطرنا فاسأل الله أن يثيبكم ويكتب خطواتكم فعجبت لهذا الأدب وحسن التواضع وكان له أخوة من بينهم عبد الله بن سليمان عليه آثار الصلاح وكان مرض المترجم بالضغط وخلف سبعة أبناء فالله المستعان.
وممن توفي فيها الزَّاهد العابد والعالم الفاضل أبو حماد عبد الله بن حماد الرسي من القبلان في بلدة الرس ولد في عام (١٣٠٨ هـ) فنشأ في عبادة الله