الأقل لأهل البين حين يروعوا ... تسلوا ففي هذا يسلى المروع
وكفوا عن الخطب الجليل فقد دهى ... مصاب عظيم أمره ليس يدفع
سهام المنايا قد أصابت وأقصدت ... وهدّت بناء في العروبة ينفع
هو الدهر لا يبقى على واثق به ... له عثرة بالمرء عظمى تضعضع
فلو كان من ريب المنية مهرب ... لكان محب عن حبيب يدافع
ولكنها الآجال تأتي ببغتةٍ ... وليس لأمر قدر الله مدفع
مضى عالم الدنيا وحيد زمانه ... سلالة أمجاد تقى سميدع
مضى هضبة الدنيا وزينة أهلها ... حصين رزين ماهر بل ومصقع
مضى طاهر الأخلاق زينة وقته ... فيا لك من بدر هوى ليس يطلع
لقد مات حبر العلم والفضل والتقى ... وحامي حمى السمحا الذي هو مولع
بنشر الهدى نحو الخليقة جاهدًا ... وينهى عن الفحشا مديمًا ويردع
سلالة إبراهيم الذي شهدت له ... وفود وأضياف ودور ومربع
فمن للفتاوى بعده ولمشكل ... يبين المخبا كاشفًا إذ يفرع
ومن للخفايا إذ تنسد مسالك ... ومن للقضايا إذ يضيق الموسع
إلى من له يؤتى لكشف ظلامة ... إلى من له تأتي العناة وتفزع
ترعرع في جل الفضائل وانتهى ... إلى غاية عنها الخلائق ترجع
مآثره كالشمس ليست خفية ... وليس يواريها لثام وبرقع
فقدنا علومًا حينما ضل نعيه ... وقام بنا الناعي يصيخ ويسمع
ففي كل جفن حرقة ومدامع ... وفي كل ناد ضجة إذ يودع
وفي كل قلب أنَّه من فراقه ... فكاد لها غمًا تكسر أضلع
فقل لحمام الأيك مالك نائح ... والفك موجود وعشك مبدع
وغصنك مياد وجوك ساكن ... وفرخك محفوظ ففيما التوجع
ألا تذكر المفجوع في الخلق مثلنا ... فنحن إلى الأحزان أولى وأسرع
فجعنا بحبر قد أقام معاهدًا ... ودور علوم جامعات توزع