لاحظت بعيني رأسي أن ساكني تلك المنطقة أشباحهم ليست جميلة المنظر والجبال موحشة جدًّا ولا سيما بالليل فقد شاهدت البعوض تلسع بشدة كأنما وكلت بالليل بالأذى، أما عن بعض الرفقة الذين خرجوا من البيت وناموا في الفضا فقد شاهدوا وحشة شديدة. وقال القسطلاني في شرحه للحديث من صحيح البخاري عن هذا الحديث وفي الحديث كراهة الاستقاء من آبار ثمود، وهل هي للتحريم أو للتنزيه وعلى الأول هل يمنع صحته التطهير بذلك الماء والظاهر أنه لا يمنع وذكر أنه رواه النسائي في التفسير وقد أشبع الكلام وأسهب في الموضوع الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره فذكر عن طائفة من العلماء أنها لا تجوز الصلاة ولا تصح الطهارة بمائها واستدلوا بحديث علي المرفوع أن حبيبه - صلى الله عليه وسلم - نهاه عن الصلاة في خسف بابل لأنها أرض ملعونة قالوا والنهي يقتضي الفساد واحتجوا لعدم الطهارة بمائها بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع من استعماله في الأكل والشرب وهما ليسا بقربه، فدل ذلك على منع الطهارة به من باب أولى ثم رجح الشنقيطي أن من مر عليهما ينبغي له أن يسرع في سيره حتى يخرج منها كفعله - صلى الله عليه وسلم - وفعل صهره وابن عمه وأبي سبطيه رضي الله عنهم جميعًا وأنه لا يدخل إلا باكيًا للحديث الصحيح، فلو نزل فيها وصلى فالظاهر صحة صلاته إذ لم يقم دليل صحيح بدلالة واضحة على بطلانها إلى آخر كلامه. فإذا كان ينبغي لمن مر بها أن يسرع وأن يكون باكيًا فما حكم ساكنيها والمتقلبين في حراثتها والبناء فيها ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رفع الله مقدمه في دار الآخرة في مسائل أحد أبواب التوحيد الثانية أن المعصية قد تؤثر في الأرض وكذلك الطاعة وقد ألف الشيخ عبد الله بن زيد بن محمود رئيس المحاكم الشرعية القطرية كتابًا في هذا الموضوع أسماه ... (١).
وبما أن السكان هناك قد تحرجوا لهذا الخلاف فقد طلبوا من الحكومة ألبت في الموضوع فإما أن يتركوا بأملاكهم التي توارثوها أبًا عن جد ولا مانع من بقائهم