فيها، وأما إن كانت ممنوعة شرعًا فإنهم يبعثون رجاءهم بأن تقوم خسائرهم التي بذلوها ويرحلون عنها، وكنت وأنا واقف في تلك الجهات أنكر في الموضوع بعدما أبدى السكان لي هذه المسألة فرأيت سائلًا الله التسديد والتوفيق أنها لا تجوز سكنى المنازل والبيوت المنحوتة في الجبال والدموس، فأما هجر سائر الفضاء وعدم السكون فيه فلا يلزم الأمة الرحيل عنها والتباعد منها ولو أن كل موضع نزل فيه عذاب وجب هجرته لهجرت مكة وضواحيها لنزول حجارة من سجيل على أهل الفيل فيها ولتركت مدين بعدما كانت جنات وعيونًا لسحاب الظل الذي أمطرت به مدين لما كذبوا شعيبًا وكذلك مصر ومنازل قوم نوح وغيرهم قال الله تعالى:{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} وقال جل ذكره: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ (١٤)} ونحمل كلام الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابه في نزول الحجر وما حدثهم به من التهديدات والتخريفات تحذيرًا لهم من تكذيبه ورد دعوته وليتفكروا ويتذكروا عاقبة المكذبين أن في تلك البيوت المنحوتة في الجبال لآثار كالزباء أو القبور فيها بقية من المنسوجات القديمة وبقية عظام دميمة الله أعلم بحالتها، ولكن لبرودة تلك البيوت ورفرفة الرياح فيها ما يدل على أنها قد تكون قبورًا وكان هناك في الحجر محطة لقطار تركيا الذي يمر بها إلى المدينة المنورة، وقد تعطل سيرها وكانت في غاية عجيبة في قوة البناء قد أقيمت من حجر مسنمة السطح ممتدة في سكة القطار التي تمتد شمالًا وجنوبًا وإلى يمنة المحطة مواضع حجر متماسكة تحتوي على ماكنات وأفران حديد عظيمة الشكل قوية الوضع كذلك عن يسرة هذه المحطة نوافذ، وهي تدل على قوة بناء الأتراك بحيث لم تتأثر على طول ممر السنين وقد أشرنا إلى هذه السكة في أوائل الجزء الثاني من هذا التاريخ، وقد تعطل سيرها لما انفصلت الحجاز عن الشام وقام الأعراب يقتلعون تلك الصفائح من السكة ويجعلونها سقفًا لبيوتهم هناك ولأبوابهم، أما عن الكاتبة وهي الصخرة التي خرجت منها الناقة بإذن الله فهي صخرة جبلية شاهقة في السماء ملساء عظيمة لا