السير لكثرة الرمال وصعوبة ذلك الوادي لكننا لما سرنا بقدر من ثلاثين ميلًا وصلنا إلى أرض صخرية ويتخللها أودية كثيرة فلا تسمع إلا قعقعة الحجارة في ساعة ولى فيها النهار مدبرًا ومنذرًا بحر شديد وتشابهت الطرق وضل العارف الخريت الطريق فبينا كنا كذلك تبدى لنا بيت من شعر أسود فيه امرأة سألها بعض الرفقة فأشارت يمنة تقول هناك الطريق وقد كان جبل عويرض يصرفنا كيف شاء في منحنيات غير معبدة نسينا فيها سهل الأرض لحزونتها وقد غابت الشمس فنزلنا لأداء الصلاة جمعًا وقد قلّ الماء وخيف من المهالك لا من جهة وقود السيارة فقد كانت مؤمَّنة ولا من جهة قلة الماء فقد كنا في حالة يرثى لها إذ كنا نسير إلى غير جهة معينة وقد واصلنا السير إلى أن وصلنا إلى أرض ذات غابات كثيفة قد تكون مأوى للهوام حتى كانت الساعة تشير إلى الثلاثة غروبي فقام صاحبنا محمد ناصر يستنبح الكلاب إذا كان ثم كلاب بأن جعل يصفر ببندقيته فسمع نباح كلب على بعد فما فرح محمد ناصر بشيء فرحه بذلك بحيث اهتدينا إلى ذلك الصوت فاستقبلنا أعرابي يتبدى من بين تلك الجبال حواليه غنمه كان أسمر اللون من الرياح ولفح الهواجر شاخص البصر عليه أثواب وأطمار فسلمنا عليه وجعل يرحب بنا وقلنا مساك الله بالخير فأجاب حياكم الله تفضلوا انزلوا عندنا هذه الليلة فإن الأرض هذه أرض سباع ووحوش وفيها النمور والضباع والسمتاح فقلنا له تفضل معنا إلى طعام العشاء وأرنا الطريق فقال على رسلكم وإن الطريق قريب وجعل يصفه لنا وأنه يحف تلك الهضبة الحمراء ويمر من عند الهضبة السوداء، وجلس معنا على تكرمتنا فما فرحنا بشيء فرحنا بذلك الأعرابي الذي أنسنا به وأنس بنا وطلبنا منه أن يبيت عندنا وكانت تلك الجهة من مساكن بلي لأنها في ضفتي وادي الجُزْل وتمتد مساكن بلي في تلك السلسلة من الجبال ولما أن أكل وشرب اعتذر عن المبيت بأنه لا يقدر على أن يترك غنمه فريسة للسباع وجعل يذكر أشياء عن تلك الوحوش فقلنا له صف لنا بارك الله فيك السمتاح الذي تذكره فقال إنه حيوان على صفة الآدمي قد غاص رأسه بين كتفيه وهو مفترس وقد عجزت عنه الخيل والقوات