بتواضعه بعدما صلى خلفي زحف وترب وكان الوقت مناسبًا جدًّا، وهذه رغبة في الانطلاقة التي كنت عليها في الوعظ والتذكير إذ كان مكبر الصوت موجودًا فألقيت عليهم موعظة جامعة شاملة أسمعتها الأمة المجتمعين في الجامع والجالسات في بيوتهن، إذ كان الحاضرون يتقدمهم الأمير والرؤساء وبعد فراغها أدوا التحية والإجلال وذهبنا إلى موضع قد أعده الأمير أمام قصره ليتناول الند والطيب وكان المجلس برحة من دون حائط قد فرشت بالمفروشات الحسنة، وما أن اطمأن بنا المجلس حتى جاء مندوب القاضي يدعونا إلى وليمته التي دعي إليها الكبراء والمدراء والرؤساء وعلى رأسهم الوكيل وقد طلبوا منا تكرير الزيارة وتعلقوا راجين تحقيق ذلك وطلبوا منا السعي في جلب وعاظ ومرشدين إلى جهتهم ليعلموا ويبينوا ويرشدوا ثم سرنا راجعين إلى تبوك. أما عن محتويات مدين فإنها كما يلي:(١) مركز إمارة (٢) محكمة شرعية (٣) شرطة وأمن (٤) مستوصف (٥) تلغراف لاسلكي، وفيها مسجد تقام فيه صلاة الجمعة وأربعة مساجد عادية وفيها مدرسة ابتدائية أما عن حقل فهو تريب من العقبة وهو من آخر المراكز السعودية فكان يقع جنوب العقبة بما يقارب من ٢٥ كيلو وقد قيل إن العقبة هي أيلة التي ذكرها الله بقوله:{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} ولما أن قدمنا إلى تبوك من الغد ذهبنا للسلام على الأمير سليمان التركي الذي كان قد عيل صبره في انتظارنا وقد التقينا بمكتبه بالأخوين العالمين عبد الرحمن بن حماد العمر وإبراهيم بن عبد الله بن ناصر بن عتيق وكانا قد طلبا من الأمير صراحة بالذهاب إلى الأردن ليأخذا جولة ويعظا ويرشدا وقد طلبوا مني صحبة المذكورين لكني لست راغبًا في الذهاب إلى تلك الجهة، أما ما كان عن عين تبوك التي تقدمت الإشارة إليها فقد يوجد لها ذكر كثير نشرته المؤلفات العربية وذكر ياقوت الحموي في معجمه أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمر ابن غريص بإسكان الباء اليهودي بطي هذه البئر وهذه هي الواقعة بجوار المسجد الذي أشرنا إليه وكان يجاور المسجد من جهته الشرقية مقبرة قديمة محاطة بسور ويذكر المؤرخون بأن هذه القبرة تضم رفات أناس