من الصالحين من هؤلاء ذو البجادين الذي فرّ من عمه ونعيمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان قبل ذلك ينتظر إسلام عمه فلما لم يسلم عزم على الهجرة إلى الرسول فتوعده عمه ابن أسلم أن يسلب منه جميع ما أعطاه ولما أن جرى من العم ذلك وجرده من ثيابه ناولته أمه بجادًا فقطعه نصفين اتزر بأحدهما وارتدى بالآخر وسار إلى الرسول فسمي ذا البجادين فلما تنعم برؤية الرسول ولقائه وأقر الله عينه بذلك مؤثرًا خشونة العيش والعري إذا لم يحصل القصود إلا بذلك وافاه أجله في غزوة تبوك وقضى نحبه فصلى عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحمل إلى لحده وأبو بكر وعمر يدليانه ولما صف عليه لبناته وأراد أن يخرج من القبر ليهيلوا عليه التراب رفع الرسول يديه وقال:"اللهم إني قد أمسيت راضيًا عنه فارضَ عنه" فصاح ابن مسعود يقول: يا ليتني كنت صاحب القبر.
ولما أن رأى الأمير سليمان عزمنا على السير طلب منا الإقامة لديه حتى يكون السفر ليلًا وبعد تناول مائدته التي دعا إليها أناسا من الأعيان ومن بينهم عاشق اللحاوي شيخ الشرارات كما أن مع الدعوين فضيلة الشيخ رئيس المحاكم صالح التويجري وكان الأمير قدس الله روحه قد عرض على زيارة المسجد الأقصى ويا حبذا لو حصل لنركع فيه ونسجد ما تيسر لنا هناك ولكنه يعكر الأجواء استيلاء اليهود عليه فهذا الذي قد فتّ من عزمنا أما ما كان من عاشق اللحاوي فإنه قام بدعوة لنا إلى الجوف وما إلى ذلك غير أنا أقنعناه بأن الظروف لا تسمح بذلك ولكننا وعدناه بذلك آجلًا ثم ركبنا الطريق راجعين.
وفيها في ضحى ١٤/ ١٢ نشب حريق في حفيز عبد الله بن محمد الكبير في قلب مدينة بريدة الكائن في البرحة الواقعة إلى جهة الشمال عن الجامع الكبير فاضطرمت النيران وسببت حريقًا فكانت ألسنة النار ملتهبة مخيفة في زمجرتها والرياح تصفر في لهبها فهب رجال المطافئ والدفاع المدني إلى ذلك الموضع مرتدين حلل الكفاح والعمل وجاءوا بحدهم وما يستطيعونه ليدفعوا ذلك الخطر المحدق وليقضوا على ألسنة النار المندلعة بين الحفيرات والخلائق بعد ما نهزم كل من كان