مجاورًا للنار بنفسه وانطلقوا فارين تاركين أموالهم وما يملكونه. ولقد كاد أن يعجز رجال المطافئ عن القضاء على ذلك الحريق لأنه زاد الطين بلة ما كان في تلك الحفيزات من الطيب الكالونيا الذي كان مادة عظمى للحريق كالبنزين غير أن الله تعالى وقى الأنفس البشرية من الهلاك وخمدت النيران بعدما التهمت كل ما أتت عليه فكانت مخلفاتها كومة من الرماد.
وفيها وفاة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم قدس الله روحه ونوّر مرقده وضريحه وهذه ترجمته: هو العالم الزاهد الورع التقي أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي القحطاني النجدي، ولد في قرية البير من قرى المحمل على بعد مائة كيلو عن مدينة الرياض في الشمال الغربي سنة (١٣١٢ هـ) فأخذ يتعلم القرآن حتى حذقه في سن مبكرة ونشأ في عبادة الله وطاعته ثم أخذ يطلب العلم وكان في أخلاقه أنه متواضع متقد الفكر صريح لا يملق ولا يداهن ولقد اتفقت به في مكة المكرمة في أوائل شهر ذي القعدة من عام (١٣٦١ هـ) حينما حججت بيت الله الحرام حجتي الثالثة بحيث كنت مبكرًا في الحج فبعث إلي أحد الأحبة يطلب مني مواجهته في مكتبه الحرم الشريف وكنت لا أعرف شخصيته غير أني طلبت منه أوصافه لأعرفه بها فقال لي تجد رجلًا طوالًا أسمر اللون يعني قد لوحته الشمس سريع الحركة ملتهبًا متواضعًا فحينما دخلت المكتبة المذكورة وكان يتولى إدارتها إذ ذاك محمد بن سياد الطبرستاني شيخ كريم الأخلاق حسن المعاملة جلست إلى جانب الشيخ عبد الرحمن بن قاسم وكنت عرفته بأوصافه التي وصف بها غير أني ويا للأسف سألت إنسان إلى جاني أهذا ابن قاسم فأجابني بأنه ليس هو وكان لا يعرفه، وكان الموعد بيننا في الساعة الثالثة وبعد مضي ثلاثين دقيقة أصغيت في أذنيه وهو إلى يميني فقلت له يا أخي إن بيني وبين الشيخ ابن قاسم موعدًا في الساعة والدقيقة ففزع واستوى قائمًا وبدأني بالتحية والمصافحة والتقبيل، وهكذا كنت واعتذر بعدم المعرفة ثم أنه أطبق كتابًا بين يديه في أصله دفترًا كبيرًا أراه يكتب ويمحي ويحمع فيه العبارات وهو مسودة حاشيته على شرح زاد المستقنع، وأخذ