يعلم من معنى الصفة على ما يليق بالله فيقال استواء لا يشبه استواء المخلوقين ومعناه ثابت لله كما وصف به نفسه، وأما الكيف فلا يعلمه إلا الله، فتنبه لمثل هذا فالإمام مالك تكلم بلسان السلف، فانظر إلى سعة علومه ودقة انتباهه.
ثم ذكر بن بشر رحمه الله رسالة للشيخ المترجم بعثها إلى بلدان نجد في ذكر ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما كابده من عدم قبول الملأ والكبراء والفسقة لدعوته وهي عجيبة غريبة، ولولا خشية الإطالة لسقناها بكمالها.
وكتب إلى الإمام فيصل بنصيحة يحرضه على إقامة الدين قال بعد البسملة: من عبد الرحمن بن حسن إلى إمام المسلمين وخليفة سيد المرسلين في إقامة العدل والدين وهو سبيل المؤمنين والخلفاء الراشدين فيصل بن تركي جعله الله في أعدادهم متبعًا لسيرهم وآثارهم آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ثم أخذ يقذف بالحق علي الباطل ويرمي الغي بسهام الرشد ولا تأخذه في الله لومة لائم، فكان جوابها من الإمام بعد البسملة: من فيصل بن تركي إلى من تصل إليه هذه النصيحة ويسمعها أن يعمل بما ذكر فيها ولا لأحد عذر لا من منع أو ردع، فلا يعذر حتى يبلغنا فإذا بلغنا من منعه فهو معذور والموجب أن حوائج الناس ما تقف عنا القوي يوصل حاجة الضعيف ويعين عليه بذكر حاله ولا بأس في هذا ويثاب عليه فتوكلوا على الله وافعلوا ما أمركم به وتأمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، ويكون ذلك على علم وحلم، فإن جبنتم فالله حسيب عليكم وهو حسبنا ونعم الوكيل وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
ولما نكبت نجد في ولاية عبد الله بن سعود وجرى على الحكومة السعودية ما جرى بقضاء الله رب العالمين من تسليط الأعداء العثمانية والجنود المصرية، وكان أمر الله قدرًا مقدورا، فابتلي أهل نجد وزلزلوا زلزالًا شديدًا، وهدمت البلدان وقتل الأبرياء وهتك العلماء فتشتت الشمل وفرَّ العلماء إلى الأقطار، كان من جملة الراحلين إلى مصر فبعث إليه الشيخ العالم عبد العزيز بن الشيخ أحمد بن ناصر بن معمر وهو إذ ذاك في البحرين بقصيدة رائعة يذكر فيها العهد القديم وما جرى