للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدا كلفه الشيخ عمر بن سليم بإمامة مسجد ابن فداء، وذلك لقربه من مسكنهم الذي يقع شرقًا عن المسجد المذكور جوار منزل راشد بن حميد الذي هو مؤذن المسجد فأمّ فيه حتى كبر عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله فترك الإمامة له وكان لما اشتكاه أشرار إلى الشيخ عبد الله بن محمَّد بن سليم مدعين بأنه متشدد في الدين أجابهم بقوله: الذي عند العجلاني هو نفس ما عندنا، فانقلبوا خاسئين، وكانوا يسكن هو وأهل بيته صيفًا في السباخ وفي الشتاء يرحلون إلى بيتهم في بريدة، وكان قويًّا في دين الله لا تأخذه لومة لائم يصدع بالحق ولديه موالاة لأولياء الله ومعاداة لأعدائه، ولديه ميزة بين الرجال فيفرق بين الغث والسمين ويعرف المؤمنين من المنافقين.

وكان متمسكًا بالدين، وأي متمسك يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بيده ويصيبه في ذات الله أذى كثير، ولكنه صابر ومحتسب.

مثال ذلك أنه مرّ بشباب في طريقه وهو راجع من السباخ من آخر النهار وكان ذلك في وقت المغرب قد سهوا عن الصلاة وارتدوا ملابس الكرة، فتناول كرتهم ومزقها وانتهرهم فاجتمعوا عليه وضربوه، ولما جاء إلينا قمت بمساعدته بحيث ألقينا القبض على الذين اعتدوا على زاهدنا، وجيء بهم إلى هيئة الحسبة فصدر الأمر بضربهم وأخذ التعهد عليهم.

وصلى إلى جانبه شاب قد فاته ركعة من صلاة المغرب فرآه ينقر صلاته فأنكر عليه، غير أن ذلك الشاب قابله بكلام يجرح العواطف بحيث قال البعيد: أشغلتمونا بقول رسول الله ووالله لو خرج رسول الله لكنتم أول من يرميه بالحجارة، فتأثر رحمه الله وجاء إليَّ في نفس المحراب بعد كلام المسيء غير أني لم أتمكن من المسيء، ولكني لعدم معرفة المترجم بالذي أبدى الوقاحة ألقيت موعظة بليغة على العموم الحاضرين وأقسمت بالله لو عرفته لأسيرنه إلى الجهات المسؤولة ذليلًا بعدما كان عزيزً بعدما شرحت الموضوع أمام خمسة صفوف، وفي هذا إكمال المصلحة ليرتدع المجرم ويرتدع من على نحوه وكثيرًا ما يتأثر من رؤية المناكر والمعاصي.