إليهم واحدًا بعد واحد، وكل منهم يقر بما لديه من الطلب ولكنه لا يجد تسديدًا فاستحيا ذلك الغريم وصبر تقديرًا لإحسان المترجم إلى خلق الله حتى استوفى من دون تشويش ولا مضايقة.
ولحسن نيته كانت قيمة تلك الأرض أربعة وعشرين ألفًا فارتفعت حتى بلغت الملايين ولديه قوة نفس وسعة في الرزق حتى حصل على عقارات عظيمة ونخيل وبيوت ويتغافل عن الفقراء والمحتاجين ويوزع ثمرات النخيل ويسمح بها ويصل قرابته وله ضيافة في الرياض وفي بريدة وأبوابه مفتوحة في وجوده وغيابه وله رفقة تلتف عليه من أصحابه يلازمونه في جلوسه ومدخله ومخرجه لما ينالونه من إكرام الناس له ويجلس مع الفقراء في تناول الطعام ويتواضع لهم ولا يستأثر من بينهم في مأكل أو مشرب وإن كانت الظروف تقتضي ذلك لأنه أصيب بمرض السكر وكان الأولى أن يكون له طعام خاصًّا لكنه يقول أنها خصلة جبله الله عليها.
ولو قلت أنه يعتبر من رجالات أهل القصيم ومن أجواد أهل زمانه لما كنت مبالغًا ولمحافظته على الصداقة والمحبة الجارية بيننا قديمًا يطلب مني أن أتفضل عليه في إجابة دعواته والجلوس معه ولكنني لكثرة أشغالي لا أتمكن من ذلك، وربما بكى أمامي لأجلس على كرامته وآخر مجلس ضمنا أن عقد معي موعدًا لتناول الغداء لكنه حال بينه وبين دعوته وفاة صاحب الجلالة الملك خالد بن عبد العزيز قدس الله روحه بحيث اشتغل المسلمون بتشييع جثمانه والدعوة لولي عهده للمبايعة وكثيرًا ما يتحدث بنعم الله ويتذكر أوقات في قلة ذات اليد والحاجة مرت عليه وقد بالغ الناس في بذله وإحسانه ومنح المحتاجين إليه مبالغة لا يبلغها العبارة في الجود والكرم وما لم أتحقق عنها من مصادر وثيقة لم أذكر إلا ما شاهدته وكنت في روايته صادقًا.
ولما أن كان في آخر حياته اشتد به مرض السكر لعدم تقيده بالحمية وتوفاه الله تعالى في يوم الاثنين ١٢/ ٧ عام (١٤٠٢ هـ) وخلف أموالًا طائلة وعقبًا كثيرا من النسل البشرى نسأل الله تعالى أن يهديهم ويوفقهم.