فكان قلبي قبره وكأنه ... في طيه بسر من الأسرار
أن يعتبط صغرًا فرب مقمم ... يبدو ضليل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو مكانها ... لترى صغارًا وهي غير صغار
أشكو بعادك وأنت بموضع ... لولا الردى لسمعت قبة مزاري
والشرق نحو الغرب أقرب شقة ... من بعد تلك الخمسة الأشبار
فإذا نطقت فأنت أول منطقي ... وإذا سكت فأنت في إضماري
وكأنَّ التهامي يندبني وكأنه يعنيني وأجد الجو كله كأنه يهزأ بي ويستهتر، وأجد الصديق كأنه يرثى لحالتي حاله مبتئس خانه الطالعٍ، حالة مسلوب من أمتاع الحياة، وأجد العدو يشمت بي ويتشفى بهذه المصيبة فيا لقلب موجع بها ويا لكاهل يكل عن حملها وأسلي النفس بالموت ووثباته على الخلائق كما في المثل السائر في كل وادٍ بنو سعدٍ وكأني أسامر الخنساء وأشاركها الأحزان بقولها في صخر:
ضاقت بي الأرض وانقضت محارمها ... حتى تخاشعت الأعلام والبيد
وقائلين تعزي عن تذكرة ... فالصبر ليس لأمر الله مردود
يا صخر قدكنت بدرًا يستضاء به ... فقد ثوى يوم مقت المجد والجود
فاليوم أمسيت لا يرجوك ذو أمل ... لما هلكت وحوض الموت مورود
وبقولها:
ألا ليت أمي لم تلدني سوية ... وكنت ترابًا بين أيدي القوابل
وخرت على الأرض السماء فطبقت ... ومات جميعًا كل حافٍ وناعل
غداة غدي ناعٍ لصخر فراعني ... وأورثني حزنًا طويل البلابل
فقلت له ماذا تقول فقال لي ... نعى يا ابن عمر وأثكلته هوائلي
فأصبحت لا ألتذ بعدك نعمة ... حياتي ولا أبكي لدعوة ثاكل
لقد كنت يا بني برًا بأبيك وخادمًا له بجهدك ما استطعت وها قد خسرتك ودفنوك في شق من الأرض ولم أحضر دفنك ولم أملأ عيني منك عند فراقك