للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخير؛ حيث عجزت قدماي عن حملي بينا أنك في الجمعة الماضية مجتمعين نتبادل الحديث، وفي منتصف الأسبوع تجلس معي فما دار يوم الجمعة حتى رماني الدهر بفراقك فراقًا لا رؤية بعده، وهذه سادسة فاجعة أصاب بها فقد خسرت أخاك عبد العزيز منذ سنتين وقبله أختك وقبلهما أخاك أحمد واثنين قبلكم فيا لفجائع الزمان ويا القوارع والدهر ويا للخسارة العظمى فأصبحت لا أملك إلا زفرة من فؤاد مكلوم وكضمة من حزين بألم الفراق مضيوم ولي من أبيات تصور هذا المصاب:

رأيتك في الدنيا مقيمًا وواثقًا ... تروح وتغد ناسيًا كل نازل

أتعمر دار آذنت برحيلها ... وتصرخ في ويلاتها بالزلازل

تجر الدواهي والبلايا خطوبها ... ويسأمها أهل النُّهى والفضائل

بنفسي وأهلي من حبيب مفارق ... أديب نجيب ماهر في المسائل

دهينا به واسواتي كيف أننا ... نكبنا به رغمًا على كل عامل

فلو أن فيه الموت يقبل فدية ... لكنا بها نسعى سريعًا بعاجل

وقمنا سراعًا كيف ندافع دونه ... بجاه ومال عاجل بل وآجل

فما قد دهانا مثلها من مصيبة ... ولا قد عرى من مزعجات الزلازل

فيا للمنايا كم أبادت لمثله ... فخرَّ صريعًا في العرا والجنادل

وياما أمرَّ البين والله إنه ... فراق حبيب قد دها بالعواضل

فتبًا لذي الدنيا وقبح مصيرها ... فكم أذنت يومًا بخزي النوازل

لك الله ما طابت فترضى بموظر ... وقلبك مشعوف على غير حاصل

فمن أسباب البلاء أنه هو الذي يباشر القراءة بين يدي إذا ذهبتُ يمنة ويسرة أو حصلت مناسبات، كما أنه تضرب الأمثال في كرمه وعطفه وقضائه لحاجاتنا لمعرفته وذكائه.

ثم ولى بفجأة تاركًا أرملته وصبيته سليبًا من غير وصية لم أجد في سيارته المحطمة سوى الرخصة وساعته التي ناولنيها مكسورة رجال المرور وكانوا يريدون