للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخفاء وفاته عني لما رأوا ما عراني من شدة الاضطراب، فقلت قولوا لي الحقيقة فما قدَّر الرحمن فسيصيب فأخبروني أن صاحب السيارة البنز قد قضى نحبه ولقد طغى الحزن على كل أهل البيت لما تحققوا فقدان عزيزهم.

ولما فجعت به وأمسيت أجر ثوب الهزيمة قلت هذه المرثية التي لا أملك سواها، وقد خرجت من كبد حراء وفؤاد موجوع وقلب بألم الفراق ملسوع، وإنها لتعرب عن الحقيقة وتكشف عن الضمير ما يكنه من نيران الأسى الملتهبة المحرقة فعياذًا بالله من قوارع الزمان ومن محن الأمن ومن شماتة الأعداء ومن درك الشقاء ومن سوء القضاء ومن فرقة الأحباء ومن حلول البأساء والضراء:

أحقًّا توفي النجل أعني محمدًا ... سمعنا بأخبار تسيء لناطق

أحقًّا توفي أم خيال وطارق ... فهلا لبثنا نحو الحبيب المفارق

فيا أسفًا كيف الفراق وذا الأسى ... ويا حزنًا عمّ الجميع مضايق

وقوفًا إلى رب المقادر نشتكي ... وعدنا بخفي خائب بل ووابق

فما نالنا في ذا الزمان مصيبة ... وردء كبير من عظيم الشقاشق

لخمس من الأيام من بعدها عشرها ... بشهر ربيع محزن للخلائق

ربيع لقد كنت القبيح لما بدا ... فأنحس به شهرًا وليس برائق

لألف من الأعوام من بعد أربع ... مئين ثلثها الخمس في شر غاسق

أتى أحمد نجل الفقيد بصرخة ... أصبنا بصدم من عضال الطوارق

فإخوتنا نحو العلاج بأسرهم ... أبونا بقي بين الحديد المطابق

فزعت من الأهوال حران موجعًا ... فلا حول مما حل إلا بخالق

وقمت أنادي في الطلول ألا أسرعوا ... كفى الله شر النازلات الطوارق

ذهبنا سراعًا للبيان عن النوى ... ونستطلع الأخبار في جنح غاسق

نؤم لمستشفى الخليقة كلها ... أفيدوا عن النجل الشفيق المصادق

وقمنا ببحث للحوادث نبتغي ... جوابًا سريعًا منهمو في الحقائق