وله أيضًا قدس الله روحه ونور مرقده وضريحه قصيدة أخرى من هذا النمط أنشأها لما اشتدت الكربة، واستحكمت الغربة، وقل المعاون والمساعد، وكثر المخالف والمعاند، ودهمت فوادح معضلات الحوادث، وهجمت بكلاكلها الخطوب الأثائث، التي تشيب من أهوالها النواصي، وتعجز عن حملها الحبال الرواسي، ذلك لما دهى أهل الإيمان والإسلام وهتك قواعد الدين من أفعال أولئك الطغام بانتشار المشركين بين أظهر عباد الله المؤمنين، وظهور البغي والفساد، وتلاطم بحار الشر والأنكاد، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فأول ذلك الفتنة التي وقعت بين المسلمين وأنثل بها عرش الملة والدين، وانهدم بها سور الإسلام، وصار الأمر بأيدي البوادي الطغام، فتفجرت ذات البين وانكشفت العورة لأهل الكفر والمين، فعند ذلك فدحت المعضلات العظام وانهدمت أصول الدين والإسلام، وانطمست المعالم والإحكام، فقدمت العساكر إلى البلاد الإسلامية، وانكشفت شمس الرسالة المحمدية، وافتتن كثير من جهلة الناس بفتوى من ينتسب إلى العلم من أهل الجهل والإفلاس بان تلك العساكر التي هجمت على بلاد أهل الإسلام إنما جاءوا لنصرة ذلك الإمام، فأنشأ الشيخ المرسوم بالعرفان، عبد اللطيف بن عبد الرحمن، هذه المنظومة التي نشأت من حرارة الجوى، خوفًا على الناس من سلوك مفاوز إلتوى، وأساء على من هلك بشبهة المشبهين وتمويهات الأئمة المضلين، ويذكر مآثر أهل الإسلام، الذين استجابوا لله ولرسوله بدعوة شيخ الإسلام، وعلم الهداة الأعلام، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وما كانوا عليه من المعتقد وحسن السيرة وخلوص الطوية والسريرة، ويحذر من طريقة أقوام، إنما نشؤوا في ظل عافية الإسلام، ولم يعرفوا ما عليه أهل الجاهلية من عبادة الأوثان. والأصنام، والذرائع المفضية إلى الدخول في ولاية من حاد الله ورسوله وموالاتهم والرضا بأحكامهم وقوانينهم وقد حملت فيهم الأثقال، ورحلت الرواحل، واستفاء بظلمهم من آثر العاجل، وغمض الطرف عن الآجل، فكم هلك بسببهم من هلك، وانتظم في سلكهم من شك في دينه وارتبك، فنعوذ بالله من الجور بعد الكور ولا حاجة إلى الإطالة فيما وقع من مفاسد العساكر العثمانية، فأصبحت عين الدين تسح أجفانها، وأصبح أهل التوحيد ما بين مأسور