وقد امتلأت المساجد في السعودية من المساعدات بالكسوة والفرش والأكوات تبرعًا لهم وحملتها إليهم الطائرات كما أن الأطعمة والنقود التي زادت على عشرات الملايين تبعث إليهم، وقد اعترفت الحكومة السعودية بحكومة أفغانستان في السنة التي بعد هذه.
أما عن أهالي فلسطين فقد قاموا في هذه المرة بحجارتهم التي لا يملكون سواها وبالزجاجات الحارقة يرمون اليهود وثبتوا في هذه الانتفاضة، وكانت اليهود تعذبهم بأنواع التعذيبات ولكنهم استمروا في نضالهم.
ولقد كان أهالي فلسطين ينشؤون لأبنائهم أسماء كغازي ونضال ونحوها مما يبعث الحماسة في صدورهم لما أن عقلوا فاثنتان وأربعون سنة كانوا يكابدون أذى اليهود وتعسفاتهم وبما أن العدو لم يحترم كبيرًا ولم يرحم صغيرًا، فقد ثبتوا في هذه الانتفاضة صابرين على ما يصيبهم من التعذيب تارة بهدم مساكنهم وتارة برضخ رؤوسهم بالصخر، وتارة بشق بطونهم، وتارة بإيقافهم في حر الظهيرة على قدم واحد، وفي كل يوم قد خسر الفلسطينيون عشرات القتلى والجرحى وهم مع ذلك ثابتون، وللعدو يجاهدون واستمرت هذه الانتفاضة التي أعجب بها العرب قاطبة وتدفقت عليهم المؤن والمساعدات من العرب والمسلمين بحيث كمل لهذه الانتفاضة سنة وأربعة شهور، ولا يعلم نتيجتها إلا الله عز وجل، كما قيل:
إن الليالي والأيام حاملة ... وليس يعلم غير الله ما تلد
وإنه ليعجب العاقل من تصرفات أمريكا ومن أيدها في موقفهم نحو أهالي فلسطين وكيف أن اليهود تسومهم سوء العذاب، ولم تتحرك جارحة من أمريكا وأتباعها المؤيدين لليهود لرحمة أهالي فلسطين غلبوا على ديارهم وأوذوا في عقر بيوتهم تقتل نساؤهم وشيوخهم وأطفالهم وتنتهب أموالهم وامتلأت السجون منهم وكيف نزع الله الرحمة من قلوب الأمريكيين نحو هذه الأمة المغلوبة الذين يدافعون العدو بأيديهم وحجارتهم، ولا يملكون مدفعًا ولا سيفًا ولا بندقية ولا مسدسًا ولا