للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحو الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ملك السعودية واستجاش سواكنه كما في قصيدته التي منها هذا البيت لما رآه لآخر مرة يصلي بالمسجد الأقصى:

المسجد الأقصى أجئت تزوره ... أم جئت من قبل الضياع تودعه

وكنت أظن أن أشبال فلسطين لما تم لاستيلاء اليهود على بلادهم أربعون عامًا أخذوا من قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} (١) وفهموا بأن الله تعالى سيجعل لوالديهم فرجًا ونصرًا على أيديهم لأن الأمور مرهونة لأوقاتها ولعل ما قد جرى من تلك العقوبات سيوقض الغافلين وينبه المعرضين، ولما أن كان في إحدى الغزوات التي يترأس جيش المسلمين فيها قتيبة بن مسلم لما صاف الترك وهاله أمرهم قال لمن حوله أين محمد بن واسع فقيل من أقصى الميمنة جانح على سية فرسه ويشير بأصبعه إلى السماء فقال تلك الأصبع الفاردة أحب إلي من مائة ألف سيف شهير وسنان طرير فلما فتح عليهم قال له ما كنت تصنع في وقت التحام المعركة حينما كنت ترفع أصبعك نحو السماء فقال إني أطالب الله عز وجل بهذه الآية، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٢).

ولئن كانت الطاعات سببًا للنصر وهزيمة للأعداء فإن المعاصي سبب الخذلان، فلقد حدثني الثقة عبد الله بن محمد بن حسن الملقب بالأميّر بالتصغير بقصة رواها لي قال: كنت مرة في فلسطين بوقت عزّ أهلها قبل الاستيلاء عليهم في صحبة أناس من العقيلات فعرض جمل للبيع وكنت بحاجة إلى جمل ليطرق إبلي فاشتريته وكان بجانبي فلسطيني يريد شراءه لكنه تأنى لعله يحصل رخيصًا، فلما أن اشتريته طلب مني


(١) سورة المائدة، آية ٢٦.
(٢) سورة المنافقين، آية ٨.