يا غابة ما في حماها منزل ... يؤوي الضعيف ولا لسان ناطق
أشجارها هرمت وفي أدغالها ... يختال جزار ويسعد مارق
سفر وتمتد الطريق وتنمحي ... فيها الخطى ويضل فيها الحاذق
والواقفون عيونهم مبهورة ... مما تراه وكل بدر غاسق
يا غيمة جاءت ولم يهتف لها ... رعد ولم يومض لديها بارق
من أين جئت وكيف أمهلك الردى ... حتى وصلت وكيف عاش الوافق
في سرك المكنون ألف حكاية ... يشدو بها شاد وينعى ناعق
يا غيمة الأسرار طعم قصائدي ... مر ولون الشعر لون غامق
قولي لنا شيئًا فرب مقالة ... يحيا بها ميت ويخشع فاسق
قولي لنا فرمت إليَّ بنظرة ... وشعرت أني في وجومي غارق
وتكوم الصمت الطويل أمامنا ... والعين مغمضة وقلبي خافق
وتحدثت وأنا أغالب رهبتي ... وتساءلت أين الشجاع الواثق
أنتم ركبتم موجة غربية ... شرقية والراكضون تلاحقوا
أنتم تسابقتم إلى أعدائكم ... كم ضاع مسبوق وضاع السابق
أنتم فتحتم بابكم فتسللت ... منه اللصوص وجاء منه الآبق
هذا ضياء الحق هز ذراعه ... ليسوق موكبه ونعم السائق
حتى إذا ألوى عظام نظامه ... وأطل من عينيه عزم صادق
ودعا إلى الشرع الحكيم وقد نما ... في أرضه المعطاء نخل باسق
بعث العدو إليه صاروخ الردى ... فمضى وفي الدنيا دخان خانق
نام الحماة عن البلاد فكيف لا ... يسطو العدو ولا يعيث السارق
وسكتُّ تنهشني الهموم وينثني ... سيفي إلى صدري ويدنو الشاهق
سفر وتبقى يا ضياء ركابنا ... مسدودة وعلى الرؤوس بيارق
كل يسير إلى الفناء فسابق ... متقدم يحصي خطاه اللاحق